المستشار محمد خلف وكيل هيئة قضايا الدولة
المستشار محمد خلف وكيل هيئة قضايا الدولة


خواطر

الست ماتيلدا

الأخبار

الأحد، 06 يونيو 2021 - 07:32 م

بقلم/ المستشار محمد خلف

شخصية "الست ماتيلدا"، التى جسدتها الفنانة القديرة "سميحة أيوب" فى مسلسل "الطاووس" الذى عُرض خلال شهر رمضان الماضى على قناة النيل دراما، تستحق التوقف والتأمل.

 "الست ماتيلدا" هى سيدة مسيحية احتضنت فتاة مسلمة تدعى "أمنية" −بطلة المسلسل− عقب تعرضها لجريمة اغتصاب، فأوتها فى بيتها وخصصت لها غرفة خاصة بها، وأسبغت عليها من العطف والشفقة والحنان فوق ما تسبغ الأم على ابنتها، وأغدقت عليها من فيض رحمتها ما أعجز دواعى الكرب عن أن تأتى على ما تبقى فى نفسها من تعلق بالحياة.. ففى مشهد عبقرى −هو الأهم فى المسلسل على الإطلاق−تدخل الست ماتيلدا على أمنية فى غرفتها لتعطيها سجادة صلاة واسدالا اشترتهما من أجلها، ثم تهم بنزع الصليب المعلق على الحائط، فتعترض أمنية فترد ماتيلدا ونظرة الأم الحنون تملأ عينيها: "عشان تبقى على راحتك".. ترفض أمنية نزع الصليب.. ويكتمل بذلك المشهد.. تقيم أمنية فى كنف ماتيلدا، ويبيت الهلال فى حضن الصليب.

ليس هذا هو أول عمل درامى يتناول العلاقة القوية بين شقى الأمة المصرية وشركاء الوطن، ولكن التناول هذه المرة كان جديدا، فالفكرة قديمة ولكنها ارتدت هذه المرة ثوبا جديدا أو ظهرت فى صورة جديدة.. والمشاهد الرمزية فى المسلسل التى تعبر عن الوحدة الوطنية والتى جسدتها الفنانة القديرة سميحة أيوب بعفوية وتلقائية لا تنسى وتوصل رسائل لا توصلها عشرات الكتب..

هكذا ينبغى أن تكون الدراما، وهكذا ينبغى أن يكون الفن.. الفن الحقيقى هو الذى يأخذ بيد الأمة إلى سبيل الفلاح والنجاح، هو الذى يرسم لها خريطة الطريق ويبصرها بأهدافها ويعينها على تحقيقها.. الفن هو أكبر معين للأمة على تحقيق أحلامها وطموحاتها.. وهو يرتقى برقى الأمة ويهبط بهبوطها.. إن الفن ليس مجرد وسيلة لترويح النفوس.. الفن رسالة.. الفن الهادف لا يقل أهمية عن التعليم والثقافة والتربية بل إنه أحيانا ينجح فيما يعجز عنه كل ذلك، حين يوصل الرسالة التى تحتاجها الأمة إلى كل أفرادها، جاهلها قبل عالمها، صغيرها قبل كبيرها، فقيرها قبل غنيها، يوصلها بأسلوب ممتع وبسيط ومريح، يدخل القلوب قبل العقول.

والله الموفق،،،


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة