زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

أيام وليالى الحب الصامت!

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 25 يونيو 2021 - 08:05 م

أقسَم لى أنه كان يرى حلمًا، وكلما بدأ فى حكيه لمحبوبته أتمته هى!  بدأت علاقتهما بخناقة معتادة بين الجيران على ماء حبل الغسيل.
همهمت بغضب وكلمات غير مفهومة فى وجهه، حاول الاعتذار ولكنه تأكد من الواقعة أنها لا تتكلم ولا تسمع! ورغم لحظة الغضب ذُهل من عينيها الزرقاوين، وشعرها الطويل الناعم، وقدها الممشوق، وبشرتها البيضاء جدا، حتى صوتها المتعلثم أطرب قلبه.
كان صديقى طالبًا بالفرقة الثانية بكلية الزراعة قبل أكثر من 25 عامًا يسكن بمواجهة بنايتنا أعلى تلك الجميلة، بينما كانت هى تدرس فى إحدى مدارس الصم والبكم بعين شمس.
 بعد واقعة ماء الغسيل.. حاول التواصل معها اجتهادًا بالإشارة، ولكنه لم يجد إلا صدًا واستهجانًا، حتى صادفها ذات يوم على سُلّم العمارة، فبدد قرب المسافة جبالا من الخوف.
ولكن ظل جبينه محتفظًا بقطرات خجل، بعد أن بدت هى على غير شراستها، وظلت تمسك بضلفة باب شقتها وترقبه وهو يصعد بظهره وببطء شديد، حتى نسيت باب قلبها مفتوحًا لإحساس حلّق بها فى السماء.
بعدها تعلّم صديقى لغة الإشارة بصعوبة حتى أتقنها تمامًا. كنا نغبطه حين كان يحاورها بلغتهما المخصوصة لساعات من شرفة أسمنتية احتفظت حوافها بعلامات لكوعه من طول الحديث بينهما.
والذى كان يمتد لأكثر من 8 ساعات يوميًا، وكان بين لحظة وأخرى يُطلق ضحكة تزلزل المكان، وحين نسأله عن السبب يقول: قصّت عليّ نكتة.
عارض أبوه الزواج منها، وبعد أكثر من 10 أعوام، صادفها فى عربة المترو أثناء زيارة خاطفة للقاهرة، وجدها تقبض بيد على طفلة تشبهها تماما، وتؤكد بالأخرى على دبوس تحجيبة تسللت من تحته خصلة من شعرها الناعم.
وبحراسة ابتسامة خائفة تعانقت الأعين بشوقٍ كبير، وقبل أن يهم بالكلام.. بددت إشارة بالنزول من رجل يجاورها دفء اللحظة، وأعلن مذيع المترو عن تمام الوصول إلى محطة الفراق العظيم.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة