الأربعاء، 17 نوفمبر 2021 - 06:50 م

لغة الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، ولكنها للأسف الشديد تظل لغة مقصورة على الفهم والاستيعاب، من قبل المختصين. من خلال رحلة طويلة امتدت لما يقرب من ٤٥ عاما فى العمل الصحفى أتيحت لى الفرصة للتعرف على تشابكات ولوغريتمات الاقتصاد المصرى.. عرفت وصادقت العشرات من رؤساء البنوك حيث كنت محررا مسئولا عن تغطية أخبار مجلس الوزراء وقطاع البنوك ـ وعندما توليت رئاسة تحرير أخبار اليوم من عام ٢٠٠٥ وحتى ٢٠١١ ابتعدت عن تفاصيل الأداء المالى والاقتصادى ولكنى بقدر البعد اقتربت من أدق الأمور والأسرار التى تحكم هيكل الاقتصاد المصرى وأيضا المعرفة الدقيقة والقريبة لبعض رجالاته وكيف يتم اختيارهم.

ولأن الأرقام لا تكذب ولا تتجمل فإن اختيارات رجال المال والاقتصاد لا تعرف المجاملة أو أهل الثقة ويكون المعيار الوحيد فيها هو الكفاءة والقدرة والخبرة والذكاء الشديد.. فى عام ٢٠٠٨ تم اختيار طارق عامر رئيسا لمجلس إدارة البنك الأهلى وحتى قدم استقالته فى ٢٠١٣ ليعود بعدها  محافظا للبنك المركزى المصرى فى ٢٧ نوفمبر ٢٠١٥ وما بين العودة والاستقالة وما قبلها كان للرجل سجل من الشرف والكفاءة والأداء المتميز ليس على المستوى المحلى أو الإقليمى ولكن على المستوى العالمى.. فى أمريكا وكندا وأستراليا وكل دول الاتحاد الأوروبى يلقبونه بفرعون البنوك واختارته مجلة جلوبال فاينانس ضمن باقة العشر الأوائل لمحافظى البنوك المركزية على مستوى العالم.

سارع بالعودة لمصر عندما رشح محافظا للبنك المركزى بعد أن زاح كابوس الإخوان البغيض حيث كان يعمل بالخارج خبيرا عالميا يتقاضى ملايين الدولارات ـ عاد الرجل لمصر بكل خبراته ومهاراته لكى يداوى جراح الاقتصاد الهش ويعالج الخلل الذى أصابه.. طارق عامر لا يملك الكفاءة والخبرة والذكاء فقط لكنه يملك أيضا الجرأة ولا تعرف قراراته لغة المسكنات وإنما بتر الداء وفق حسابات دقيقة لا تعرف المجازفة. بناء اقتصاد قوى تؤمنه احتياطيات كافية وقادرة على مواجهة أى أزمات وأكثر من ٢٠٠ مبادرة للإصلاح المالى ودعم الاستثمار وكبح جماح التضخم وتحرير أسعار الصرف بما يخدم عمليات التصدير وخفض الواردات وعلاج الخلل بالميزان التجارى ودعم كافة القطاعات.

الأرقام لا تكذب ولا تتجمل لكنها تكشف معدن رجال أحبوا مصر وسعوا لتحقيق أمنية وحلم قائدها فى أن تكون "أد" الدنيا.