زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

بطلات الترند المفقود!

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 24 ديسمبر 2021 - 08:58 م

فى مثل هذا البرد من شتاء 1981 كنا صغارًا نلهو على جسر قريتنا الترابى الطويل، كانت السماء حُبلى بغيمٍ أحرج النهار فاضطره للضم خيوط الضوء من شعاع الشمس الباهتة.

بينما البخار يتصاعد من سطح ترعة تسبح أسماكها بحرية بعيدًا عن أسراب الأوز القنّاص الذى يتراص منتفضًا على الشط.   
وكان مرور السيارات نادرا جدا، وفجأة وقفت عربة ربع نقل متهالكة، نزلت منها فتاة أنيقة، فى يدها كولمن مليء بقطع ثلج تلصصت عليها الأعين، كاختراع عجيب فى هذا التوقيت خاصة وأن الكهرباء لم تكن قد وصلت لقريتنا بعد.

فجأة.. حول المطر الجسر الترابى الطويل إلى أمواج من الوحل، فانزلقت رِجلها على الأرض، وتلطخ البالطو الأبيض بالطين فى ثوان!
نهضت بمساعدة زميلاتها وهى تئن من الألم، ووقفت فى انتظار أى سيارة تصل بها لأقرب طبيب بالمركز.

فاستضافها نسوة من القرية، بينما أكمل زميلاتها مهمتهن فى إطعام أفواه الصغار بجرعات الأمل للوقاية من شلل الأطفال.
تذكرت هذا المشهد حين رأيت صورًا عبر السوشيال ميديا لممرضات يقمن بنفس المهمة فى قرى مصر، وسط نفس الظروف السيئة، بما يؤكد أن هؤلاء الأبطال لم يضعف عزيمتهن تدنى مرتباتهن، وضعف بدل العدوى لفن التمريض على الدرجة الثالثة لا يتجاوز  ١٥ جنيها!
كلى يقين بأن هؤلاء هم الأولى بأن يكن بطلات «التريند» المُشرّف لا بهلوانات المهرجان ورعاة الانحطاط وإهدار القيم لو كنا منصفين.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة