محمد سلامة
محمد سلامة


حديث الأربعاء

التضخم قادم !

الأخبار

الثلاثاء، 22 فبراير 2022 - 08:16 م

محمد سلامة

ضغوط التضخم اليوم لم تعد قاصرة على الاقتصادات المتقدمة فحسب بل طالت غالبية الأسواق الناشئة حول العالم رغم اختلاف أسبابها من دولة لأخرى ... أحدث تقرير نشره البنك الدولى قبل أيام أكد أن التضخم عاد بسرعة أكبر ... ارتفع بشكل أوضح ... أثبت أنه أكثر عناداً واستمرارية من كل توقعات البنوك المركزية الكبرى ...

باتت المشكلة محور مناقشات سياسية فى العديد من الاقتصادات المتقدمة... 15 دولة من الاقتصادات المتقدمة ضمن 34 دولة صنفها تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الذى يصدره صندوق النقد الدولى سجل معدل التضخم السنوى بها حتى ديسمبر2021 أعلى من مستوى  5% ... لم يقتصر ارتفاع التضخم على البلدان الغنية ... ضرب بقوة الأسواق الناشئة ...  واجهت 78 دولة من 109 من الأسواق الناشئة معدلات تضخم سنوية تتجاوز 5% ... ضعف ما كانت عليه عام 2020 ... بات معه التضخم مشكلة عالمية ... تباينت الأسباب الرئيسية للتضخم من بلد إلى آخر عند مقارنة الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة فى ظل استجابة محدودة لحزم التحفيز المالى والنقدى فى مواجهة فيروس كورونا أصبح معها التعافى الاقتصادى بالاقتصادات الناشئة العام السابق 2021 متأخرا كثيرا عن تعافى الاقتصادات المتقدمة ... 41% من الاقتصادات المتقدمة مرتفعة الدخل استعادت مستويات دخل ما قبل انتشار فيروس كورونا عام 2019 مقارنة مع 28% من الأسواق الناشئة متوسطة الدخل و 23% من البلدان منخفضة الدخل ...

شهدت ولاتزال الاقتصادات المتقدمة والناشئة زيادة أسعار السلع الأساسية مع ارتفاع الطلب العالمى ... مع بدايات شهر يناير/ 2022 قفزت أسعار البترول بنسبة 77% عن مستواها فى ديسمبر 2020... عانت سلاسل التوريد العالمية تحت ضغط أحداث العامين الأخيرين ... ارتفعت تكاليف النقل بشكل جنونى ... خلافاً لصدمة الإمداد المرتبطة بالبترول سبعينيات القرن العشرين كانت صدمات الإمداد المرتبطة بفيروس كورونا أكثر تنوعا وأشد غموضا وفق أحدث تقارير البنك الدولى بشأن آفاق الاقتصاد العالمى ... أسهم تراجع قيمة العملات الوطنية فى الأسواق الناشئة نتيجة انخفاض تدفقات رأس المال الأجنبى ... خفض التصنيف الائتمانى للديون السيادية فى اشتعال أسعار السلع المستوردة فى ظل ارتباط التضخم فى الأسواق الناشئة بتحركات العملة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة ... تجاوزت زيادة أسعار المواد الغذائية مستوى 5% فى 86 دولة من 109 من الأسواق الناشئة ... عانت الدول منخفضة الدخل والأسر الأقل دخلا بشدة مع توقعات بانعكاس ارتفاع أسعار الطاقة اليوم بشكل مباشر على ارتفاع أسعار المواد الغذائية غدا ... رغم أن أغلب الأسواق الناشئة لم تعد تثبت أسعار الصرف كما كانت خلال سنوات التضخم سبعينيات القرن العشرين فإن نطاق السياسة النقدية المستقلة حقا فى الاقتصادات الصغيرة المفتوحة يظل محدودا رغم تحرير أسعار الصرف ... لم يَـعُـد خطر استيراد هذه الاقتصادات للتضخم من بقايا الماضى ... باتت الـسِـمة الأكثر فى تضخم اليوم انتشاره فى كل مكان فى ظل غياب خيارات السياسة العالمية لحل ارتباكات سلاسل التوريد تاركة مهمة معالجة التضخم للبنوك المركزية الكبرى ... الاستجابة السياسية الأفضل توقيتا ... الأكثر قوة من جانب البنوك المركزية الكبرى لن تكون بشرى سارة للأسواق الناشئة على المدى القريب ... ستواجه أغلب الأسواق الناشئة تكاليف تمويل أعلى ... قد تشتعل أزمات الديون فى بعضها  ... نتيجة فشل الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات المتقدمة فى التصدى للتضخم بسرعة سبعينيات القرن العشرين ... طبقت هذه الدول سياسات أشد قسوة قادت إلى ثانى أكبر ركود فى تاريخ أميركا بعد الحرب العالمية الثانية ... فضلا عن أزمة ديون اجتاحت الدول النامية ... المثل القديم يقول «علاج المشكلة فى بدايتها يحول دون استفحالها» .
< < <
حالنا اليوم بالتأكيد ينذر بتضخم قادم لامحالة ... تضخم لا ناقة لك به ولاجمل ... تضخم مستورد مثل كل الأشياء التى يجرى استيرادها بسبب ودونه ... هناك بالتأكيد ارتباط «كاثوليكى» بين الاقتصاد المصرى والعالم ... ارتباط ليس بحكم التاريخ والجغرافيا ... لكنه ارتباط بحكم الحاجة ... تواكلنا على العالم الخارجى فى تدبير كل احتياجاتنا الحياتية اليومية من الابرة للصاروخ ... اقتصاد يعتمد كلياً على الخارج فى «لقمة» عيشه ... احتياجاته الضرورية ... التزامات حياته الأساسية حتى الترفيهية ... ماذا تنتظر ... بالتأكيد ارتفاع يحاصر كل السلع ... الخدمات ... باتت معه مهمة أى بنك مركزى «Mission Impossible» ... مهمة مستحيلة لن نستطيع مواجهتها طالما ظلت الأمور على حالها ... استيراد «سفيه» لايراعى فينا «إلا ولا ذمة» ... سوق مفتوح أمام منتجات «الدرجة الثالثة» مع انعدام ضمير مستورد يبحث فقط عن الربح ... المكسب ... يستنزف كل أموالك لو استطاع ... التضخم قادم ونحن أهم أسبابه ... الأمر يتطلب من أولى الأمر قائمة بكل ما يتم استيراده تقسم إلى 3 أقسام وفق خطط عمل عاجلة وآجلة ... قسم أول سلع لا يمكن تصنيعها محلياً لأسباب عدة لا مجال لسردها ههنا ولا مفر من استيرادها ... قسم ثان سلع يمكن إعادة النظر فى نسب التصنيع المحلى بها وصولاً إلى أعلى نسبة ممكنة بديلاً عن استيرادها كاملة ... قسم ثالث وأخير سلع يمكن تصنيعها كاملة محلياً والاستغناء تماماً عن استيرادها ...  مع ما يمثله من تشغيل للمصانع المحلية ... فرص عمل جديدة ... قيمة مضافة تنعكس على زيادة إيرادات الدولة من رسوم ... ضرائب مع دخول لاعبين جدد دائرة الإنتاج المحلى ... تقليل فاتورة الاستيراد ... تخفيف الضغط على الاحتياطى النقدى الأجنبى ... البديل مزيد من التضخم ...  ارتفاع أسعار السلع ... الخدمات إلى أن يقضى الله سبحانه وتعالى أمراً يرتبط بالأسواق الخارجية التى باتت تتحكم فى مستويات التضخم أكثر وأكثر وأكثر من ذى قبل .

أغبى الأغبياء من يصنع « الأزمة « ثم يجلس يندب حظه بحثاً عن حل لها .

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة