عبد الصبور بدر
عبد الصبور بدر


عسل في الكوز

عبد الصبور بدر يكتب: كرسي ضي

عبد الصبور بدر

الجمعة، 05 أغسطس 2022 - 02:11 م

كانت "ضي" فتاة لطيفة، متواضعة، تؤمن بأن طموحها الكبير لا يجب أبدأ أن يتخطى قدراتها المحدودة، ولا تفكر في التمرد على قامتها القصيرة، حتى اشترينا لها كرسي Step، فتبدلت أحوالها، وانقلبت أوضاعها، وتحول البنت أم شبرين للاعبة سيرك تقدم عروضها الخطرة من أول النهار، إلى منتصف الليل حين تنام. 

86 سم فقط هو طول ابنتي "ضي" صاحبة العامين ونصف، إلا أنها تستطيع – الآن - أن تطول أشياء على ارتفاع 148 سم، وربما 150 سم بسهولة شديدة، لدرجة جعلتنا نعتقد أننا نعيش مع "سوبر جيرل"، وليس مجرد بنت مفعوصة أقصر من الدمية التي تلعب بها.

أضاف الكرسي اللعين 25 سم إلى طولها، ما يعني ببساطة وصول قامتها إلى 111 سم، فإذا أضفنا إلى الرقم طول ذراعها 37 سم، سنحصل على مجموع 148 سم، أما إذا كان الشئ الذي تريد ضي الإمساك به في حاجة إلى 2 أو 3 سم أخرى فإنها لا تغلب، وتذهب لترتدي "الشوز"، وتعود لتقف على الكرسي من جديد، وتصل إلى هدفها بسهولة. 

وإذا كنت من زوّار بيتنا العامر بشقلبظات ضي، سوف تشاهد فتاة في حجم عقلة الإصبع تستخدم  الكرسي في عروض الفوضى المستمرة؛ تلعب بمفاتيح النور، وتأتي بالأطباق والأكواب من على سطح المطبخ، والملابس من الدولاب، والأقلام والأوراق من فوق المكتب، وتلقي بكل ما تصل إليه يدها في الصالة التي تتحول إلى سوق الجمعة.

رياضة ضي المفضلة هي العدو، ولكنها لا تجري على أرضية الصالة كأي "عيّل" طبيعي، ولكن على ترابيزة السفرة التي تقفز إليها بواسطة الكرسي، ليبدأ المارثون المرعب، قبل أن تنزلق قدمها النونو، ويرتطم جسدها الرقيق بالسيراميك، وهات يا عياط، لتضيف كدمة جديدة إلى جسدها المليء بالكدمات، وبمجرد أن تشعر بالتحسن تعود لاستئناف الشقاوة ولكن في مكان آخر، خلف النافذة، وهي تقف على الكرسي وتحاول فتح "الزجاج" من أجل ممارسة رياضة الطيران، والتحليق في الهواء كما تفعل العصافير التي تراها أمامها وتتمنى أن تفعل مثلها.

تدرك ضي أن ذلك الكرسي أهم ممتلكاتها، لا تستغنى عنه أبدا، وتأخذه معها في الرايحة والجاية، وحين تتحدث مع أحد تقف عليه ليشعر بوجودها، وتكبر في عينيه.

كل منا – في الحقيقة - يحتاج إلى "كرسي ضي " في حياته ليصل إلى ما يتمنى، ويجلب الأشياء التي يريدها دون الاعتماد على أحد، أو انتظار الزمن!
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة