زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

حكاية الزواج الثاني

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 05 أغسطس 2022 - 07:57 م

دسّ فى كفها المكتنزة نظرة اشتهاءٍ ملفوفةٍ فى ورقةِ عملة، ثم فاجأها بالسؤال: تتجوزيني؟ ابتسمت المرأة الأربعينية، وضحكت بصوت لفت انتباه المزدحمين فى موقف السيارات، وقالت بدلالٍ وسخرية: هاتدينى كام مصروف فى اليوم؟ 100 جنيه ؟ 200؟ ثم ضمت أصابعها الخمسة - وكأنها تقبض على لقمةٍ فى الفراغ - وقالت: أنا أكسب من الشحاذة 500 جنيه فى اليوم! 

قال إنه  يمتلك "ميكروباص"،  ولا يكسب هذا المبلغ يوميًا، بالإضافة إلى القلق الذى يلازمه، مخافة الأعطال، وتحرير المخالفات، أو الحوادث. 

كانت طويلة، ممتلئة بلا ترهل، بيضاء، يشف قدها اللافت عباءة سوداء تظهر قدميها الملفوفتين، ويزين الكحل عينين خضراوين، تداعبهما خصلة من شعرٍ ناعمٍ، يتمدد طرفُها على وجنتين ألهبت حمرتهما الشمس. 

رفض الرجل الزواج بعد وفاة زوجته، ولم ينجب بنتًا، فظل ثمانى سنوات يعيش وحيدًا، رافضًا أن يكون عالة على زوجات أبنائه، وحين بلغ الخامسة والستين أخذ الأمر بجدية، وتقدم لأكثر من امرأة، ولكن كان سؤال أغلبهن: هاتكتبلى إيه؟

ابتسم بألمٍ ثم قال: لا أملك شيئًا سوى هذه السيارة القديمة، ومعاشًا يلتهمه الغلاء بعد أيام من قبضه، وقلبًا لا يزال ينبض بالعشق، وأنتظر مصادفةَ امرأةٍ، تؤنس الروح، وأتوارى خلفها من عواصف المحن والأحزان.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة