أشرف غراب
أشرف غراب


أشرف غراب يكتب: التعديل الوزاري.. وخطورة المرحلة

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 19 أغسطس 2022 - 07:31 م

التغيير سُنة من سُنن الله فى الكون، ولم يكن مقصورًا أبدًا على شىءٍ دون سواه، أو مقصودًا فى بشرٍ خلاف غيره من بنى جنسه، إذ التغيير مطلوبٌ فى كل شىءٍ بحاجةٍ لتغيير، فى المأكل والمشرب، لاكتساب المعادن والفيتامينات والصحة، وفى الملبس، لإظهار نعمة الله عليك، وكسر رتابة المظهر، وفى المكان لخلق جوٍ صحىٍّ يتبدَّل فيه زفير الهواء الداخل لرئتيك، وفى العادات والسلوكيات، من المكروه والمُنفَّر، للمقبول والمُستحسن منها، وقس على ذلك الكثير من الفوائد الكامنة من وراء حكمة التغيير والتنويع.

لم يكن بدعًا من القول إذا ما جزمنا بحتمية التغيير من آنٍ لآخر، فيما نرى أنه بحاجةٍ لهذا فعلًا، لأنه يقضى على الركون والركود وحالة الثبات التى لا طائل من ورائها فى عالمٍ تتطور أحداثه كل يوم، من أمنٍ لخوفٍ، ومن رفاهيةٍ لتقشُّفٍ، ومن سلامٍ لحروبٍ وقتالٍ، ومن وجودٍ لعدم، مما يستلزم التحرُّك سريعًا فى هذا الاتجاه؛ لمواكبة عجلة الزمن، ومسايرتها فكرًا وعملًا، وخُططًا وأهدافًا واستراتيجيات، يعود مردودها جميعًا على الدولة التى نعيش فيها بالتقدُّم والرخاء، ونضمن وجودها حاضرةً على الساحة الدولية كما يجب للأجيال المقبلة.

خلال الأيام الماضية، شاهدنا تعديلًا وزاريًا شمل ثلاث عشرة حقيبة وزارية، تماشيًا مع منهجية الدولة لتطوير الأداء المؤسسى، وهو أمرٌ طبيعىٌّ يحدث فى كل أنظمة الأوطان المتحضِّرة، صاحبة الرؤى ومنهجية التفكير، وتنظيمية العمل، وقد رأت القيادة السياسية ضرورةً لذلك القرار، لمواكبة التحديات الطارئة فى ملفات شائكة تُواجهها الدولة حاليًا، على المستويين الداخلى والخارجى، فتمت دعوة مجلس النواب للانعقاد فى جلسةٍ طارئة، لاتخاذ القرار بالشكل والإطار الدستورى المناسبين فيما تُتخذ به مثل تلك القرارات.

لا شك أن الأمر صاحبه بعض التعليقات لفئات من الشعب، على مواقع التواصل الاجتماعى، منها ما هو سلبىٌّ، وآخر إيجابى، وإن كنت أرى أن ما حدث لا يستدعى هذه الضجة، لمجرد مصالح ضيِّقة، لاختلافٍ مع فكر وزيرٍ، أو كراهةً فى شخصه أثناء إدارة مسئولياته خلال توليه المسئولية، لأن المسئول - أى مسئول -، يُخطئ ويُصيب، لكننا نتفق تمامًا أنه فى كلا الحالتين للصالح العام، كما أن هذه المرحلة الكثيرة المنحنيات كانت أكثر طلبًا للقرارات العاجلة، إذ عامل الوقت لا يُسعف لإجراء الدراسات المُحكمة للقرار، فكان المسئول يجتهد قدر استطاعته ليُصيب الهدف، وهى فى النهاية عقولٌ بشرية غير معصومةٍ من الأخطاء.

الطريقة التى يسير عليها صانع القرار فى مصر الآن، لم نعهدها من قبل، فهو يتوخى مخالفة الأطر السليمة فى تطبيق صحيح القانون والدستور، بل إنه حريصٌ كل الحرص على أن يكون أكثر احترامًا له، ليُعطى القدوة للمواطن قبل الوزير والمحافظ والموظف الصغير، لنكن فى أبهى صور التطور والحداثة، وعصرية الدولة التى نُنادى بها، وليست الطريقة العشوائية التى رأيناها على مدار ثلاثين عامًا أى الفترة قبل الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، حيث كان الدستور والقانون فى وادٍ، والقرار فى وادٍ آخر، بل إن التغيير حسب المزاج، والتعديل طبقًا لدرجة القرابة، وهو ما لا دخل للدولة وصالحها به من قريبٍ أو بعيد، اللهم إلا أنه يُمثِّلها على الورق الوزير الفلانى، والمسئول العلانى، ندعو الله ألا تراها مصر ثانية فى حاضرها وقادم أيامها.

من حقك أن تنتقد كمواطن ومسئول وإعلامى وغيره، طالما يكون انتقادًا بنَّاءً، يضع متخذ القرار على نقاط القوة والضعف فى مثل تلك الإجراءات، لكن ليس بالسباب ولعن المسئول الراحل أو الذى تولى المسئولية بدلاً منه، فهم يؤدون خدمةً وطنية بها من الأعباء والمهام الجسام ما يصعب وصفه، فلك أن تتخيَّل نظامًا تعليميًا لم يتم تحديثه طوال ربع قرن، ومنشآت لا تعرف التوسُّع والآدمية إلا خلال ثمانى سنوات فقط، رغم أن تعداد الدولة يرتفع فى كل ثانية تمر علينا، ناهيك عن انعدام الرقمية فى عصر التكنولوجيا والريبورتات البشرية، هذا مثالٌ لحقيبة كان وزيرها السابق الدكتور طارق شوقى، أشد الوزارات والوزراء انتقادًا وسبابًا من الذين أياديهم كانت فى المياه الباردة، لا يعرفون قدر وخطورة وضغوطات الأمر الجلل الذى كانت الحكومة تعمل فيه.

وعلى الجانب الآخر، هناك نقاطٌ يجب أن تُوضع فوق الحروف حتى تُقرأ السطور وتُترجم لجملٍ مفيدة، أولها بند السؤال والمحاسبة على الوقت والأموال العامة التى أُنفقت على بعض البرامج، أذهبت لمكانها الصحيح أم لا، ومن ثمَّ إرساء مبدأ المحاسبة على الجميع، وزراء ومحافظين ومسئولين كبار وصغار، إلى أن تصل حتى للمواطن المخالف، لا أحد فوق المساءلة، وها نحن نترقَّب حركة محافظين علينا بسرعة التقييم للسابقين ومن سوف يتم ترشيحه للمنصب، لأن عامل الوقت ليس فى صالحنا، نُريد كتيبة عملٍ جماعى فدائية، لنواصل مسيرة التألق التى نتبعها منذ تولى الرئيس، ونستغل الجرأة التى منحتنا إياها القيادة السياسية ونبتعد عن اليد المرتعشة، فالحكمة ضالة المؤمن، وعلينا السير على دربها ما أمكن، لا نلتفت للوراء أبدًا، إنما نُطوِّر من القائم، ونُعدِّل فى وسائله، ونُضيف عليه الجديد، لئلا يذهب الجهد سدىً، ونبتعد عن سياسة التخوين والإقصاء والتكهنات، لأنها تجارة العاطلين وأبواق الناعقين، وأحاديث المُنظرين أعداء النجاح.

وختامًا، من حقنا أن نُطالب دولة رئيس الوزراء بتكليف كل وزيرٍ ومحافظٍ ومسئولٍ يتولى مكانةً ما فى الدولة الجديدة، أن يُقدِّم خُطته للتطوير، وأفكاره المدروسة فى حلحلة الملفات الشائكة المُختصة بمؤسسته، على أن تخضع للتقييم من مؤسسة الرئاسة، وتُوضع تحت المجهر خلال التنفيذ متى حصلت على الموافقة رفقة صاحبها مدة عام كامل، فإن حققت ولو نسبة من المستهدف ومن الممكن أن يُكتب لها النجاح، تم دعمه بكل السُبل وإعانته، وإلا فالتغيير سُنة الله فى الكون، مبدأ لا يُغضب أحدًا، ومصلحة الوطن مقدمة على الجميع، وليس فيها مجاملات، ويقينًا فى عهد الرئيس السيسى، لن نسمع كلمة مجاملة، لأنه يؤمن إيمانًا كاملًا بأنه أمرٌ ضيعنا كثيرًا، ولا مكان له بيننا، فلنبدأ وبالله التوفيق، ونسأل الله أن يُوفق أصحاب المهام الجدد، ويُجرى الخير على أيديهم، لصالح أم الدنيا مصر.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة