المدارس النظامية.. نموذجًا
المدارس النظامية.. نموذجًا


من التاريخ

المدارس النظامية.. نموذجًا

الأخبار

الخميس، 08 سبتمبر 2022 - 06:10 م

تعد المدارس النظامية ، التي أسسها الوزير نظام الملك في خراسان، من أول المدارس العلمية المنظمة في الإسلام، بل وذهب البعض إلى أن التعليم الجامعي بأسلوبه الذي نعهده اليوم، عرفه المسلمون منذ القرن الخامس الهجري، فكانوا أصحاب ابتكار هذا النوع من الدراسة، الذي نقله عنهم الأوربيون بعد ذلك. 

وقد أقام الوزير نظام الملك الكثير من المؤسسات العلمية في سائر أقطار وأطراف البلاد في فارس والعراق وخراسان، وأوقف على هذه المؤسسات مزارع وضياعاً عامرة، ولا شك أنها أصبحت كما تقول الآية الكريمة: «وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» .

وتفوق على جميع العظماء والفضلاء، وأهل الدولة والسلطان مدة ثلاثين عاما، خلال سلطنة السلطان ألب أرسلان والسلطان ملكشاه، لجمعه لأسباب الفضل والرفعة، وأدوات العلم والمعرفة، وظلت مدارسه تؤدي دورها العلمي والثقافي، وخدمة المعرفة، حتى بعد انقضاء العصر السلجوقي. 

وكان مجلس الوزير نظام الملك عامرا بالفقهاء وأئمة المسلمين وأهل الدين والتدين، حتى كانوا يشغلونه عن أمور الدولة وأعمالها، فقال له بعض خاصته: هذه الطائفة من العلماء قد بسطتهم في مجلسك حتى شغلوك عن مصالح الرعية ليلا ونهارا، فقال: «هذه الطائفة أركان الإسلام وهم جمال الدنيا والآخرة ولو أجلست كلا منهم على رأسي لاستقللت لهم ذلك.

ويصف العماد الأصفهاني نظام الملك، فيقول: «ولم يزل بابه مجمع الفضلاء، وملجأ العلماء، ومن رآه مستحقا لرفع قدره رفعه وأعلاه، ومن رأى الانتفاع بعلمه أغناه، ورتب له ما يكفيه من جدواه، حتى ينقطع إلى إفادة العلم ونشره، وتدريس الفضل وذكره، وربما سيره إلى إقليم خال من العلم ليحلى به عاطله، ويحيى به حقه، ويميت باطله». . ويذكر عن نظام الملك أنه كان كثير الإحسان على أهل العلم، حتى إنه رتب رواتب ثابتة تصرف لهم بانتظام، بحيث كان رزقه يجرى على اثني عشر ألف عالم من فقيه وغيره (كما كان يحوط العلماء برعايته وتأييده ، فيذكر المؤرخون «إنه كان إذا دخل عليه أبو القاسم القشيري، وأبو المعالي الجويني، يقوم ويجلسهما، وإذا دخل عليه أبو علي الفارمذي قام وأجلسه مكانه وجلس بين يديه».  

وتذكر الروايات أن تاج الملك أبا الغنائم، صاحب خزانة السلطان ملكشاه، نقم على الوزير نظام الملك، فوشى به عند السلطان قائلا: «إنه ينفق في كل سنة على الفقهاء والصوفية والقراء ثلاثمئة ألف دينار، ولو جيش بها جيشا لطعن باب القسطنطينية» ، فاستحضر السلطان ملكشاه نظام الملك وعاتبه، وطلب منه أن يبرر تصرفاته.

فأجابه: «إنك تنفق على الجيوش المحاربة كل سنة أضعاف هذا المال مع أن أقواهم وأرماهم لا تبلغ رميته ميلا، ولا يضرب سيفه إلا ما قرب منه، وأنا أجيش لك بهذا المال جيشاً تصل من دعائهم سهام إلى العرش لا يحجبها شيء عن الله» ، فبكى السلطان وقال له: «استكثر من هذا الجيش والأموال مبذولة لك، والدنيا بين يديك..

وقد تضمنت كتب التراجم والتاريخ، والأدب والطبقات ، معلومات مفصلة عن العلماء الذين اختصهم نظام الملك برعايته.

للحديث بقية

عميد كلية اللغة العربية


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة