أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

صعود هَش

أحمد عباس

الأحد، 11 سبتمبر 2022 - 07:28 م

صباح الخير.. هذا نهار الجمعة الماضى فى ساعة مبكرة، قبل توقيت أبو ظبى بنحو ساعتين حيث حجم هائل يبث إلينا من الأخبار المتشابهة ومقاطع الفيديو وتغريدات تتداول من كل مكان، الخبر باقتضاب مضمونه أن شقيقين يملكان شركة حصلا على تمويل يبلغ ٣٣ مليون دولار ولاذا بالهرب. العنوان رغم جاذبيته مضلل فلا يعنى إلا أنهما استوليا على المبلغ وهذا خاطئ، أما الخبر فبقى محليا جدا حتى اليوم التالى وربما إلى الآن، فلا وكالات الأنباء قالت ولا المواقع الاقتصادية العربية المهمة اهتمت، إذن.. ليبقى الأمر محليا فقط ولنبدأ من هنا، فلا هى أزمة كبيرة ولا الشركة رشيدة.


أما الشركة فاسمها «كابيتر» صاحبة نشاط محدد وهو ربط تجار الجملة بموزعى التجزئة على منصة الكترونية يتصل عبرها طرفا عملية البيع والشراء وتتم خلالها العملية دون أن يتعرض طرف لطرف وليستفيد المشترى -بائع التجزئة- بعروض الجملة والأبناط الإضافية وليتمتع بمزيد من التخفيضات طول الوقت، والفكرة فى أصلها جيدة جدا وكانت جديدة على السوق المصرية لما ظهرت قبل نحو عامين ضمن موجة شركات وصفوها بالـ»ناشئة» مثل شركة «سويڤل» للنقل الجماعى التى فاجأتنا ذات صباح بإنهاء عملياتها فى مصر وتسريح العمالة وهذه لها مساحة أخرى، لكنها فى رأيى شركات فشلت حتى فى النشوء، أراها تقترب أكثر من أنها سُبل آمنة لتبييض أموال.
أو فى أحسن الأحوال أصنفها فى مرتبة تلك الشركات التى استحدثت منطق الشجرة فى الاستثمار مع بداية الألفية الحالية، وهى أن تأتي باثنين تحتك ثم كل واحد منهما يأتى باثنين وهكذا تتمدد الشجرة لكن بلا جوهر حقيقى أو جذر استثمارى ينفع الاقتصاد الكلى للدولة. والحق أنه استثمار هَش، إعادة تدوير لرأس المال وسمسرة ليس أكثر.


الأخوان هربا، بالفعل هذا صحيح. غادرا الى الإمارات فى ساعة لم يعلن عنها ودون توضيح للسبب، وشخصيًا أعتبره فعلا غير محترف ويميل للابتداء وعدم الأمانة، مجلس إدارة الشركة على الفور أصدر بيانا مرتبكا تبرأ فيه من اختفاء الأخوين المؤسسين للشركة، وقال فيما يعنى أنهما فى حكم المتغيبين وجردهما من الصلاحيات أو المهام.. موظفو الشركة فى مساء ذات الجمعة تواترت منشوراتهم بمواقع التواصل الاجتماعى يشكون فجأة من كل شىء من نظام العمل وطريقته وطبيعته ومعياره، وحتى سياسة حرق الأسعار التى انتهجتها الشركة لوقت طويل، والفكرة ببساطة فى هذا «الحرق» أن تتعاقد المنصة بذاتها لنفسها على بضائع وتسدد ثمنها ثم تعيد هى بيعها مرة أخرى وتسعرها كيفما تشاء، لا يهم إذا كان ذلك السعر أقل أو أعلى أم يساوى القيمة الحقيقية للسلعة أو لا، وهذه مسألة معقدة جدا تختص بها شركات وبيوت خبرة وخبراء تسعير وتثمين وحساب العائد من هذا الاستثمار، ناهيك عن تلاعبات بالأسعار حصلت خلال هذه الفترة وهذه مسألة مقلقة.
الموظفون قالوا إن الشركة كانت تتعمد الشراء بأسعار عالية ثم تمنح تجار التجزئة أسعارا أقل من القيمة الحقيقية للسلعة لتحفيزهم على توسيع عملياتهم، وهذا دفع اقتصاديات الشركة للتهاوى وفقد السيطرة، وربما الاصطدام بحائط الإفلاس وعدم القدرة على استدامة عملياتها وعلى الوفاء بشروط التمويل.
أما أنا فلا أعبأ أبدا بمثل هذه شركات ولا أكترث متى تكونت ولمَ انحلت ولا أزعل أو أفرح حيالها، وأتساءل أين هى العلامات الكبرى التى أحدثت لغطا أوقات طويلة فمثلا أين ذهبت علامة «كريم»، و«دوبيزل»، و«سوق»، وغيرها، هؤلاء جميعهم اختفوا تمامًا إما اندماجا وإما انسحقوا تحت وطأة اللهاث خلف كسب تمويل ضخم وبين القدرة على تنفيذ المستهدفات، إذن لنكتفى بهذا القدر من العبث ولننتبه للموظفين والعاملين الذين صدقوا فى هذه الكيانات الإسفنجية صاحبة مشوار الصعود الهَش.

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة