د. أحمد الشحات
د. أحمد الشحات


رؤية ورأي 

د. أحمد الشحات يكتب: الحرب التي أعادت ثقافة الجاهلية

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 11 يناير 2023 - 08:01 م

ونحن على مشارف مرور عام على بدء الحرب الأوكرانية، بحثت كثيرًا عن توصيف موضوعي عن تلك الحالة، فلم أجد غير أنها عودة لثقافة الجاهلية التي تستعرض فيها القوة وفرض واقع ونفوذ وتوسع دون أي اعتبارات أخرى، تشكلت الفكرة من تحرك الرئيس بوتين الذي راودته أحلامة بضرورة ارتداء زي القياصرة واستعادة المجد الإمبراطوري المفقود بالإغارة على دولة جارة دون الاعتراف بأي حدود جغرافية، فنهض لتنفيذ حلمه وسط تقديرات موقف خاطئة أربكت العالم كله لا تتناسب مع ملامح وطبيعة الحياة الراهنة.

وبالطبع تحركت أوكرانيا للحفاظ على أرضها وسيادتها، وانتفضت الولايات المتحدة والغرب لحماية النفوذ والكبرياء وكرسي عرش العالم، واستخدموا الدولة المغار عليها في حرب بالوكالة تتهافت عليها الأسلحة والمعدات والمعلومات لتنفيذ سياسة تكسير العظام وموازنة الوضع ووقف جماح القياصرة الجدد، وسط مشهد تتعاظم فيه المقدرات الاقتصادية الأمريكية وتنظر للعالم بشفقة، برسالة أنها مازلت اللاعب الأوحد رغم محاولات الآخرين ودائماً الفائز في المعادلة، فمثلاً جعل الدولار السلعة الأهم ويصدر الغاز لأوروبا بأرقام مبالغ فيها تحملها اختيارات الضرورة واكتفاءها الذاتي من مصادر الطاقة حاضر وآمن وقدراتها وصفقاتها التسليحية في تزايد وغيرها.

وفي ضوء تلك الحالة الجاهلية، يقودنا هذا الصراع للقوة كحاكم رئيسي وفاعل في رسم العلاقات الدولية، ومع تعدد التحليلات التي تناولت تلك الأزمة سواء المحايدة المتزنة أو المتطرفة أحيانًا فمنهم من سيحتفى بمرور عام على الحرب والآخر يستعد لإقامة العزاء، ويقينًا خرجت الحرب الروسية الأوكرانية من إطارها الثنائي إلى حرب عالمية كاملة بمعطيات وملامح مختلفة تتوسع تداعياتها الدولية على كافة الشعوب بتفاوت محزن، وسارت إلى عنوان من يستمر ويقتل ويدمر كثيراً وأسرع سيكون له الغلبة وسيرسم ملامح قانون الغابة.

وهنا ذهب العالم النامي كما وصفوه الغرب إلى الهلث وراء الحفاظ على الحد الأدنى من مقدرات المعيشة ورضاء الشعوب، وتركوه وسط تخبط في سياسات اقتصادية متنوعة ومشكلات أمنية متتالية، وأحلام تنموية محدودة، في انتظار ما سيحدث وما سيجلبه لنا الغرب وولاياته المتحدة لكي يسير الناميين في رحابهم مجبورين.

ختامًا.. بتناولي هذا يزداد اليقين بأن الدرس الأكبر ضرورة استدعاء مقولة الحكماء من يملك قوت يومه يملك قراره، فلابد من حشد كافة إمكانيات الدولة وتعزيز طاقاتها واستنفار جهودها وآلياتها المختلفة بشكل متناغم علمي متزن يضع كافة الاعتبارات خاصة الاجتماعية، وأن نثبت لأنفسنا قبل العالم إننا قادرون على الصمود، مع تعظيم ثقافة الاستغناء واستهداف حالة الاكتفاء الوطني وتنظيم فقه الأولويات، وتجنيب الفرعيات وذلك للحفاظ على الكيان والعبور والوصول.

د. أحمد الشحات: مدير مركز شاف للدراسات المستقبلية
[email protected]

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة