محمود الورداني
محمود الورداني


محمود الورداني يكتب: الفاجومي.. ونوارة (١)

أخبار الأدب

السبت، 25 فبراير 2023 - 02:58 م

لم أفاجأ بما كتبته نوارة نجم عن الفاجومى والأستاذة صافيناز كاظم والشيخ إمام ومحمد على ومحمود اللبان وزينب والسيدة أم زينب وساويرس وحبسها بسبب احتجاجات الشباب على اشتراك إسرائيل فى معرض الكتاب ومشاهدها من ثورة 25 يناير ومذابح محمد محمود وخيانة الإخوان وعفرتة نجم فى كل مرة يُنقل فيها إلى المستِشفى لجلطة، كانت متجهة بسرعة شديدة لمُخ نجم لكنها لم تجد مُخا فنجم أصلا بدون مُخ بل فاجومى.. حتى خروجه من سيدنا الحسين يحمله الشباب إلى مستقره..لم أفاجأ بكل هذا بل فُتنت به.


لا تعرفنى نوارة ، ومالا تعرفه هو أننى شاهدتها مرات قليلة . مرة وهى لاتتجاوز عدة شهور، وكنت فى زيارة للصديق طلعت السنجابي، وجاءت مع الأستاذة محمولة على كتف نجم طبعا.

المرة الثانية لا أذكر المكان لكنها كانت فتاة كبيرة فى أواخر تسعينيات القرن الماضي، وقرأت آنذاك مقالا أو اثنين ربما فى الدستور كتبت فيهما عن نجم والأستاذة وعلاقتها بهما، وأخيرا شاهدتها مرات قليلة فى الثورة، وقرأت لها أكثر من مقال مهم ولافت أثناء احتدام الثورة.

وهذا معناه طبعا أننى لا أكاد أعرفها، لكن ماقرأته لها - على ندرته - جعلها تبدو فى نظرى كاتبة متميزة ومختلفة، وعندما علمت بصدور كتابها «وانت السبب يابا..» - دار الكرمة 2023 ، توقعتُ أنه سيكون كتابا يليق بنجم، لكننى لم أتوقع أننى سأُفتن إلى هذا الحد.


 دعك من الصدق والجسارة والحساسية والقدرة على التأمل والاكتشاف وخفة الدم وما إلى ذلك.. المهم هو روح نجم، وأكاد أقول أن سيرته الذاتية التى كتبها «الفاجومى» على أهميتها وتميزها بين كل السير الذاتية العربية، لا تكتمل إلا بقراءة كتاب نوارة. شطحات نجم وتناقضاته ولحظات ضعفه وقوته، ومحبته الغامرة لها وانخراطه فى البكاء عندما ألقى القبض عليها قبل الثورة، أو نزولها محمد محمود بعد الثورة، واختياراته والثمن الذى دفعه بكل أريحية لهذه الاختيارات، شعره الذى أعادت اكتشافه فى الكتاب.. كل هذا وغيره، كتبت عنه كما لم يُكتب من قبل.


أود قبل كل شىء أن أشيد بما أنجزته الأستاذة صافيناز. فعلى الرغم من كل مافعله نجم ، وهو كثير ومؤلم، إلا أنها كانت حريصة أشد الحرص، أكرر أشد الحرص، على الرغم من انفصالهما مبكرا جدا، على أن تظل العلاقة بين نوارة ونجم قائمة بل وقوية. لو لم تفعل هذا، ومعها كل الحق، لما كانت هناك نوارة.

وتحفل صفحات الكتاب بأيادى الأستاذة البيض، وإصرارها الدائم على علاقة نوارة بأبيها . حتى وهى طفلة فى سنواتها الأولى ، عندما سافرت مع أمها إلى بغداد فرارا وغضبا من نظام دأب على قمعها وفصلها من عملها.. حتى وهى هناك ، حرصت الأستاذة على أن تسمع نوارة شرائط الكاسيت المسجل عليها رسائل نجم ، بل وإصرارها أيضا على زيارته فى السجن معها. 


تعرف نوارة جيدا قيمة مافعلته الأستاذة ، وليس غائبا عنها استدعاؤها الدائم للراحل محمد على من أجل اصطحاب نوارة إلى أبيها حتى وهو مطلوب القبض عليه، ويزعم أنه متخف وأطلق على نفسه اسم مجدى، بينما كل أصدقائه فى حوش قدم يقيمون تقريبا فى المكان الذى اختفى فيه نجم، ولاينادونه إلا بالإسم المتخفى فيه: مجدى،الأسبوع القادم.. إذا امتد الأجل أواصل تصفح هذه الأوراق الفاتنة.

اقرأ ايضاً | محمود الورداني يكتب: عن عبد الفتاح الجمل مرة أخرى

نقلا عن مجلة الأدب: 

2023-2-25


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة