عثمان سالم
عثمان سالم


باختصار

«أكاديميات الاسترزاق»

عثمان سالم

السبت، 25 فبراير 2023 - 07:43 م

كانت تجربة محمد صلاح فى الاحتراف الخارجى دافعاً للكثير من أبنائنا الصغار للتوجّه إلى عالم الساحرة المستديرة ولأنه من الصعب استيعاب كل المتقدمين للاختبارات الصيفية بالأندية تفتق ذهن الخبراء عن فكرة أكاديميات الكرة ليس فى الأندية فقط وإنما أُنشئت لها ملاعب خاصة أستقطعت أراضى زراعية، لأنها أصبحت الفرخة التى تبيض ذهبًا..

وقد أعجبنى توصيف دقيق للكابتن أحمد يونس المحلل الكروى بالفضائيات لما أطلق عليها «أكاديميات الاسترزاق»، فقد أصبحت سبوبة لكل من هب ودب حتى ولو لم تكن له أى علاقة بكرة القدم وكثير من المدارس حولت المساحات المخصصة لحصة الألعاب إلى ملاعب تستأجر لتدريب النشء الصغار مع الاستعانة باسم أحد النجوم القدامى إما للإشراف عليها أو حضور جانب من التدريبات وأغلب الوقت لا يتواجد وتُوكل المهمة إلى بعض الشباب الذين لم تلمس أقدام بعضهم ملاعب الكرة من قبل اللهم إلا أن يكونوا خريجى كليات التربية الرياضة وهى أيضًا سبوبة ومجال للاسترزاق..

ذهبت مع حفيدى الصيف الماضى إلى إحدى الأكاديميات للتدريب بعد أن دفعنا الاشتراك وشراء الزى الخاص وبحكم عملى فى المجال الرياضى وقفت أتابع البرنامج التدريبى وللأسف لم أجد فيه شيئًا مما اعتدنا رؤيته فى ملاعب الأندية والمنتخبات ففاقد الشىء لا يعطيه وكان من الطبيعى أن تنتهى تجربة حفيدى مبكرًا لأن هناك جزءًا آخر مهمًا غائبًا وهو التهيئة النفسية للناشئ للإقبال على اللعبة واستثمار الدافع الذاتى سواء من الطفل أو أسرته التى تمنى النفس بأن يكون من أمثال صلاح والننى وتريزيجيه ومصطفى محمد وأخيرًا إمام عاشور..

هذه الأكاديميات لا تخضع لأى إشراف فنى ولا حتى إدارى، فهى «دكاكين» خاصة الهدف منها الحصول على الأموال ويندر أن تجد لاعبًا معروفًا خرج من هذه الأكاديميات اللهم إلا إذا كانت أكاديمية بالأندية، حيث يتابع مدربو قطاع الناشئين هذه المدارس الكروية على أمل أن تلتقط أعينهم ناشئًا ربما تجاهلته الاختبارات من نظرة فاحصة نتيجة الزحام الشديد وهم معذورون سواء الأبناء أو المدربون، فالوقت والمساحة لا يسمحان بالتعرف الجيد على القدرات المبشرة لمولد موهبة..

كما أن المدرب نفسه غير مهتم بمن يبرز من الأكاديمية هو يحصل على راتبه آخر كل شهر ثم أن لديه «سبوبة» فى مكان آخر عليه سرعة التوجه حتى لا تطير منه لوجود من ينتظر الفرصة للانقضاض على المكان!!

هناك غياب للنظرة العلمية لإعداد الناشئين خاصة ما يتعلق بالبنيان الجسمانى الذى أصبح جزءًا مهمًا من اللعبة، فلم تعد التجربة البرازيلية المعتمدة على المهارات كافية لوجود لاعب قوى بدنيًا يمكن أن يستثمر مهاراته بعد أن اتسمت اللعبة بالقوة الجبارة فى الملعب ولا عزاء لأصحاب المواهب من ضعاف الجسم..

لابد من رعاية صحية كاملة لهؤلاء النشء من بداية المشوار، وكذلك ضرورة وجود أخصائى نفسى يتعامل مع هؤلاء الصغار وتحفيزهم بل ومعالجة أوجه القصور فى شخصيتهم حتى يشبوا أصحاء نفسيًا بجانب الصحة الجسمانية مع توافر الموهبة بطبيعة الحال..

هذه الأكاديميات تحتاج لدراسة علمية للتعرف على النقاط الإيجابية والبناء عليها وعلاج أوجه القصور وكفانا لاعبين مشوهين بدنيًا وفنيًا ونفسيًا.. وهذا ما تعيشه الكرة حاليًا..
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة