ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب


نحن والعالم

تحول استراتيجى

ريهاب عبدالوهاب

الجمعة، 01 سبتمبر 2023 - 06:45 م

الأحداث التى تشهدها منطقة الساحل الغربى الأفريقى تدشن لتحول جيوسياسى خطير ينهى حقبة الهيمنة الغربية غير المشروطة على افريقيا، ويفتح الباب أمام افريقيا جديدة ذات علاقات قائمة على الشراكة والتعاون.

وأتحدث هنا عن سلسلة الانقلابات التى شهدتها المنطقة مؤخراً «وآخرها الجابون» والتى لا يمكن اقتصارها على إطارها المتعارف كوسيلة للاستيلاء على السلطة والا ما كانت حظت بهذا التأييد الشعبى الملحوظ فى الداخل. فهى بالأحرى انتفاضات ضد استمرار الأوضاع الداخلية السيئة من انعدام الأمن والفقر والفساد وضعف الأداء الاقتصادى واستنزاف الثروات.

ومن ناحية أخرى، حركات تحرر جديدة من الإرث الاستعمارى الغربى «خاصة الفرنسى» الذى أفرز تلك الآفات. فغالبية الدول التى شهدت انقلابات مستعمرات فرنسية سابقة، ورغم استقلالها فى الخمسينيات والستينيات، إلا ان فرنسا أبقت على نفوذها الاقتصادى والعسكرى فيها كجزء من سياسة ما بعد الاستعمار.

فخلقت روابط اقتصادية تمنحها امتياز استغلال ثروات تلك الدول وحافظت على وجودها العسكرى هناك بزعم محاربة الارهاب، وأبرمت اتفاقيات دفاعية تخولها التدخل عسكريًا نيابة عن القادة المؤيدين لها لإبقائهم فى السلطة. لكن تدهور الوضع الأمنى فى المنطقة مع انتشار الجماعات المسلحة والمتطرفة والشبكات الإجرامية واستمرار معدلات الفقر والفساد قوّض الثقة فى الوجود الفرنسى والحكومات التابعة لها وكان سبباً فى تغذية الانقلابات الأخيرة فى بوركينافاسو وتشاد وغينيا والنيجر ومالى والجابون. 

وما يروقنى هنا أن الغليان الذى أدى لانفجار تلك الانقلابات دخانه وصل لأنوف الغرب ويجبره الآن على إعادة النظر فى سياساته تجاه القارة خاصة فى ظل منافسة روسيا والصين. كما يروقنى ايضاً الرفض الإفريقى لأى تدخل غربى عسكرى فيما يبدو انه بداية لنهج جديد يمسك فيه الأفارقة بزمام أمورهم ويوجدون فيه حلولا محلية واقليمية لصراعاتهم ومشاكلهم الدبلوماسية والعسكرية. يبقى فقط ان تتمكن تلك الدول من عبور هذا الجسر لتصل فى النهاية إلى ما تصبو اليه من أمن واستقرار وتنمية وتقدم. 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة