ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب


نحن والعالم

الحسابات الخاطئة

ريهاب عبدالوهاب

الجمعة، 15 ديسمبر 2023 - 05:17 م

أحد أهداف اسرائيل من إحداث اكبر قدر من التخريب بقطاع غزة وإسقاط اكبر عدد من الضحايا المدنيين- طبعاً إلى جانب ابادة ما أمكن من الفلسطينيين وجعل القطاع غير قابل للحياة- هو دق اسفين بين الفلسطينيين وحركة حماس وتأليبهم عليها لتسببها فى نشوب الحرب من الاساس وفى استمرارها بسبب رفضهم الاستسلام.

وتأمل اسرائيل بذلك فى دفع الفلسطينيين لنبذ أفراد الحركة وربما تسليمهم. ولكن الحقيقة ان تل ابيب بهذا الظن تقع فى خطأ تاريخى سبقها له العديد من القوى العظمى وعلى رأسها امريكا. 

فخلال الحرب العالمية الثانية اعتمدت القوى العظمى على نظرية استهداف المدنيين ودفعهم لنقطة الانهيار لينتفضوا ضد حكوماتهم. وتجلّت استراتيجية العقاب القسرى هذه فى تدمير الحلفاء 58 مدينة وبلدة ألمانية وقتل الآلاف بحلول نهاية الحرب، دون ان يؤدى ذلك لانتفاضة ضد هتلر.

نفس الأمر تكرر مع النازيين أنفسهم عندما قصفوا لندن ومدنا بريطانية عدة متسببين فى مقتل أكثر من 40000 شخص. وبدلاً من انقلاب البريطانيين على رئيس وزرائهم ونستون تشرشل اصطفوا خلفه حتى النصر. امريكا نفسها اختبرت هذا الفشل خلال الحرب الكورية عندما دمرت 90% من قدرة الدولة على توليد الكهرباء فى كوريا الشمالية، وفى حربها فى فيتنام بما احدثته من خسائر اقتصادية وبشرية دون ان تنجح فى اثارة الشعوب على حكامها. 

هذا النمط التاريخى يكرر نفسه فى غزة. فبالرغم من دخول الحرب شهرها الثالث وسقوط الاف القتلى والمصابين ورغم التشريد والجوع والخسائر الاقتصادية التى لا تحصى أظهرت احدث استطلاعات الرأى تأييد 76% من فلسطينيى غزة والضفة لحماس، ارتفاعاً من 27% فقط كانوا يرون فى سبتمبر الماضى أن حماس «الأكثر استحقاقاً لتمثيل الشعب الفلسطينى». 

هذا لا يضيف فقط لقائمة الحسابات الخاطئة لإسرائيل ولكن يلقى بظلال الشك حول قدرتها على تحقيق هدفها المعلن من الحرب وهو القضاء على حماس.. وهو ما سنتحدث عنه فى المقال القادم.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة