عاطف زيدان
عاطف زيدان


كشف حساب

التسعيرة الجبرية

عاطف زيدان

الأحد، 21 أبريل 2024 - 09:52 م

بدأت الأسعار مؤخرًا فى التراجع، لكن ببطء، عكس ما كان يحدث قبل تطبيق خطة الإصلاح النقدى فى السادس من مارس، حيث كانت أسعار السلع تتغير ارتفاعًا يوميًا، بل كل ساعة، وكان الدولار هو الشماعة التى يعلق عليها التجار أسباب رفع الأسعار! لقد انتهت ولله الحمد أزمة الدولار، واختفت السوق السوداء، فى ظل تحرير سعر الصرف، وتم الإفراج عن جميع السلع ومستلزمات الإنتاج فى الموانئ، ولم يعد هناك أدنى مشكلة فى تلبية احتياجات الأسواق من السلع المختلفة، ورغم ذلك يتمسك بعض التجار بالأسعار المبالغ فيها، ما يعكس سيطرة الجشع على بعض التجار، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، على حساب المواطنين، دون أى اعتبار لقوانين السوق وحماية المنافسة ومنع الاحتكار وحماية المستهلك. السبب فى رأيى، عدم وجود تسعيرة جبرية مرنة للسلع الأساسية، مثل الدقيق والخبز والأرز والمكرونة وزيت الطعام والسكر والشاى ومنتجات الألبان، تتحرك صعودًا وهبوطًا وفقًا لأسعار الجملة والأسعار العالمية للمنتجات المستوردة، وتضمن هامش ربح مناسب لتاجر التجزئة، وسعرًا نهائيًا عادلًا للمستهلك. ويمكن إعداد هذه التسعيرة، من خلال لجان مشتركة، تضم ممثلين للشعب المختلفة باتحاد الغرف التجارية ووزارة التموين، وإقرار لائحة عقوبات تطبق بشكل فعال على المخالفين، بما يكفل انتظام الأسواق ووضع حد لظواهر الجشع والاستغلال. فالنظام المؤسسى يضمن تحقيق العدالة بين أطراف التعامل. فقد نجحت بورصة الدواجن مثلا منذ إنشائها فى تنظيم عمليات التداول ووضع أسعار استرشادية يومية لمخرجات صناعة الدواجن، تختلف بنسب بسيطة على أرض الواقع، من منطقة إلى أخرى، وفقًا لمصروفات التشغيل، لكنها تمثل إطارًا واضحًا للتاجر والمستهلك، يحقق العدالة والرضا. نفس الأمر نجح فيما يخص تسعير الوقود، الذى تتحمل الدولة مبالغ طائلة لدعمه، ولولا التسعيرة الجبرية لما نعمنا بالانتظام والهدوء فى تعاملات الوقود. فالتسعيرة الجبرية مجرد آلية لتنظيم الأسواق وضمان العدالة ومنع الجشع والاستغلال، وليس صحيحا أنها ضد مبادئ الاقتصاد الحر. فالقوالب الاقتصادية ليست أمرًا إلهيا، وإنما أفكار بشرية قابلة للتطويع، وفقًا لظروف كل مجتمع. وأرى أن التسعيرة الجبرية هى السبيل الوحيد لانتظام أسواق السلع الأساسية فى بلادنا.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة