كتب قصة حياة عن ليلى مراد و أحمد زكي
كتب قصة حياة عن ليلى مراد و أحمد زكي


السير الفنية تحكي تاريخ مصر

محمد السرساوي

الأحد، 30 يونيو 2024 - 08:34 م

تعتبر كُتب السير الذاتية بابًا سريًا لدخول حياة الفنانين، يخوض المؤلف رحلة استكشافية فى أعماق عالم الفنان، أو المبدع، يحاول أن يستقصى الحقيقية حتى يقارنها بالقصص الشائعة، ثم ينقيها من الشائعات التى قيدت الشخصية، كما يكتشف قصصًا لم يسمع عنها أحد من قبل، المؤلف لا يحكى عن الشخصية فقط، إنما يروى تاريخ مصر، يرصد ما حدث لها من تطورات ثقافية، واجتماعية، سوف نتحدث فى هذا الموضوع مع نُخبة من مؤلفى السير الذاتية، ونسألهم عن أسباب شغفهم بهذا المجال.

انجذب المؤرخ والناقد الفنى أشرف غريب- صاحب كتابى «الوثائق الخاصة لليلى مراد» و«الوثائق الخاصة لمحمد فوزي»- إلى كُتب السير الذاتية، حين وجد أغلب ما كُتب عن الحياة الفنية بمصر، قد أصيب بتشويه كبير؛ نتيجة المبالغات، وسوء الاجتهاد فى البحث، وتعمد الباحث الإساءة إلى فنان بسبب عداءٍ شخصى معه، ويقول: قررت أن أعيد فى تحقيق قصص حياة الفنانين بشكل صحيح حتى تعود قيمة تاريخ كتابة عن حياة الفنانين مرة أخرى، هذا ما فعلته مع قصص ليلى مراد ومحمد فوزى ونجيب الريحانى وغيرهم، حاولت أنقيها وأنقحها من الأخطاء والشوائب، وحكايات أغرب من الخيال عن طريق الوثائق، كما لقى كتاب «الوثائق الخاصة لليلى مراد» رواجًا كبيرًا على المستويين النقدى والجماهيرى، بعد نجاح هذا العمل، صار الناشرون والقُراء يهتمون بكُتب السيرة الذاتية، لكن الجوائز لا تهتم بهذه النوعية من الكُتب، أرجو من وزارة الثقافة، أن تؤسس جائزة لكُتب السير الذاتية، خاصة فى جوائز الدولة، تكون فئة أساسية ضمن مجالاتها المتنوعة. 

الكاتب محمد توفيق -صاحب كتاب «أحمد زكى 86» وكتاب «الخال» عن عبد الحمن الأبنودى و«أحمد رجب- ضحكة مصر» قبل أن يخوض فى هذا المجال، يحب قراءة السير الذاتية منذ صغره، ويقول: أرى أنها ملهمة أكثر من أى شىء، القارئ يحتاج إليها، حتى يعرف كيف استطاع بطل العمل أن يصمد فى رحلة صعوده، ونجح فى تجاوز مشاكله، كيف نجح فى هذه الحياة، هنا يقرأ القارئ قصصًا حقيقية بعيدةً عن الخيال، كما لا تكتشف تاريخ الشخصية فقط بل تكتشف تاريخ دولة سواء ثقافيًا أو اجتماعيًا، هذا ما أثار فضولى حين كتبت عن أحمد زكى خلال فترة الثمانينات حتى أفهم تاريخ هذه الفترة عن طريق شخصية مؤثرة فى مجالها، مما جعلنى أحب الكتابة فى مجال السير ذاتية لكى أعرف شكل مصر عن طريق قصصهم الملحمية مثل أحمد رجب وصلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودى وأحمد زكى، بالنسبة لى حققت أعمالى نجاحًا نقديًا وجماهيريًا، كُتبت مقالات عن أعمالى بقلم الكاتب الكبير أحمد رجب، والأديب محمد مخزنجى، ضرورى أن وزارة الثقافة تهتم بمجال النشر هذا وأن تؤسس جائزة خاصة لكُتب السير الذاتية، لأن الدول الأخرى مثل أمريكا يهتمون بهذه الكتب بشكل أساسى. 

يرى الباحث كريم جمال صاحب كتاب «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربى» الحائز على جائزة الدولة التشجيعية فى مجال العلوم الاجتماعية فرع التاريخ والآثار وحفظ التراث- أن كتابة سيرة بعض الشخصيات العامة أو الفنانين لا تعنى فقط تدوين وتوثيق حياتهم وجهودهم الفنية، ولكن هى عملية واسعة لوضع الشخصية المعنية بالكتابة داخل سياقها العام والتاريخى، ومحاولة خلق روابط تربطها بالظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية، ويقول: الكتابة هنا ليست اجتزاءً للشخص من محيطه ولكن وضعه داخل تفاصيل عصره ومشاهدة الصورة كاملة، وهو فى اعتقادى ما يمنح بعض السيرة وبعض الكُتب، الحرارة اللازمة لتحريك القارئ وجعله قادرًا على العيش مع تفاصيل الشخصية وإعادة قراءتها بشكل أعمق، ربما منحت الفرصة بعض كُتب السير النجاح والشعبية، ولكنى لاحظت مؤخرًا أن معظم كُتب السيرة الناجحة كانت تتبع طريقة مبتكرة فى التعامل مع التاريخ الشخصى، التماهى بين الكتابة البحثية والروح الروائية، فالكتابة التاريخية الجافة رغم أهميتها إلا أنها تظل بعيدة عن تطلعات الكثير من القراء، وهو يُحتِّم على الكاتب محاولة إيجاد سردية تُناسب الجميع دون الإخلال بقواعد البحث والتقصى عند الكاتب، ودون أن يتحول النص إلى رواية، وهو فى ظنى كافٍ تمامًا للدفع بأى كتاب ينتمى لهذا النوع للنجاح، بدون شك كُتب السيرة لم تلقَ حظًّا من التقدير، فمعظم الجوائز لا تضع ضمن قوائمها فئة محددة لهذا النوع من الجوائز، مما يجعل الكاتب يضطر لتقديم عمله فى فئات التاريخ أو التراث أو النقد الفنى، وهو ما يجعل العمل لا ينطبق عليه فى معظم الأحيان شروط التقديم، وبالتالى لا يفوز رغم استحقاقيته للفوز!

بينما الباحث محب جميل صاحب كتب: «فتحية أحمد- مطربة القطرين» و«محمد عبد المطلب-سلطان الغناء» و«محمد قنديل-3 سلامات»، يحب الموسيقى والسينما الغنائية منذ صغره، ويقول: قد تكوّنت لديَّ ثقافة فنية لا بأس بها مع الوقت، وكان يشغلنى دائمًا سؤالٌ واحد: لماذا يحظى الفنانون المشاهير بأكثر من كتاب يتناول سيرهم الذاتية أو الفنية، بينما لا يحظى آخرون بنفس الاهتمام على الرغم من موهبتهم الكبيرة وإنجازاتهم الفنية؟. كما أننى لديَّ شغف كبير منذ أوقاتٍ بعيدة بالأرشيف والوثائق، فيما يتعلق بتجربتى الشخصية، فكُتبى لا أظن أنها تحظى بمقروئية واسعة وذلك لأسباب عديدة يطول شرحها، لعل أبرزها كونها تتناول سيرة فنانين ليسوا معروفين بالقدر الكافى، ولكنى أجد أن هذا منطقى، فى ظل تكريس أغلب دور النشر الكبرى اهتمامها فى التسويق لكتب تجارية دون المستوى أو ليست مبنية على مجهود بحثى كبير، وفى كل الأحوال لست قلقًا، لأننى أظن أن الحركة النقدية الحقيقية تنصف ما أنجزه مع الوقت، وفى النهاية أظن أن دائرة القراء تتسع تدريجيًا، حتى لو كان هذا التوسع بطيئًا.

ترى الكاتبة الصحفية هانم الشربينى صاحبة كتابى: « أوراق أحمد زكى: خطابات الغرفة ٢٢٢٩»، و« كلمات ليست كالكلمات - أحمد زكي القصة الحقيقية»، أن كتابة السير الذاتية لها رواج خاص واهتمام خاص من القراء، خاصة عندما يتعلق الأمر بالخفايا الإنسانية للشخصيات الفنية التى تحظى بقبولٍ وتواجد إنساني رغم رحيلها، وتقول: فى ظنى أن أحمد زكى كنموذج كتبت عنه مازال يعيش ويحيا فى قلوب القُراء، أرى أن السيرة فن أدبى وأتعامل معه ليس باعتباره أرشيفًا صحفيًا نحييه وإنما ككشف أدبى جديد يعيد تقديم الشخصية من وجهة نظر الكاتب، وعندما كتبت أحييت فى سيرته فن الرسائل المعروف ونقبت فى شخصية عن زوايا إنسانية تبعد الصورة النمطية للفنان وتكشف زوايا لحياته كإنسان مَرَّ وعاش فى إطار إنساني.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة