يونان مرقص القمص
يونان مرقص القمص


يونان مرقص القمص يكتب: عيد دخول المسيح والعائلة المقدسة أرض مصر 

بوابة أخبار اليوم

السبت، 01 يونيو 2024 - 12:17 م

(أفرحى وتهللى يامصر وبنيها وجميع تخومها لانه أتى إليك محب البشر الكائن قبل الدهور). نحن فى العيد المبارك نسبح الله بهذه التسبحة المباركة أن زيارة السيد المسيح له المجد والعائلة المقدسة بركة كبيرة لبلادنا العزيزة مصر بكل ربوعها ، أن يزورها ملك السلام ويعيش فيها ويتنقل بين ربوعها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً .. من رفح السينائية والعريش إلى وسط الدلتا والقاهرة والوادى بصعيد مصر.

ومن بركات الزيارة أول مياة يشربها المسيحكانتمن نيلها العظيم والمبارك، وأول طعام يأكل منه يكون من ثمار أرضها المباركة ، لأنه جاء محمولاً على ذراعى أمه، وكان بمرحلة الرضاعة وتم فطامه، وتعلم السير على قدميه على أرض مصر الحبيبة وسط أطفالها المحظوظين بزيارته لهم، وكان الطفل يسوع المسيح متجولاً فى مدنها ونجوعها وقرأها ، مباركاً وأديها وصحاريها، لذلك مصر البلد الوحيدة الذى باركها الله هى وشعبها ومحفوظة فى قلب الله .. لاتجوع ولا تعطش وستكون آمنة دائماً على مر العصور والأجيال.

وهنا السؤال الذى يطرح نفسه : لماذا أختار المسيح أرض مصر ؟ دون بلدان العالم!!                           

أبعاد كثيرة : البعد الأول روحى من جهة كيفية الهروب أمام قوى الشر .. والبعد الثانى كنسى : وهو تأسيس كنيسة ومذبحاً للرب وسط أرض مضر وأرسال كاروز الديار المصرية مار مرقس الرسول  حسب النبؤات .. والبعد الثالث أثرى : بسبب الآثار الكثيرة المرتبطة بالزيارة لها .. والبعد الرابع  التاريخى : الرحلة لها خلفية تاريخية هامة جداً لمصر والعالم كله .. والبعد الخامس قومى : لأن الزيارة تتعلق بمباركة مصر وشعبها  دون سائر أقطار الأرض كلها. 

البلد الوحيدة التى زارها السيد المسيح له المجد بالجسد غير بلده أو مسقط رأسه ( بيت لحم بفلسطين ) كانت مصر، وكان بإمكانه الهروب من بطش هيردوس ملك اليهودية إلى أقرب بلد لفسلطين غير مصر ، ولكن لتحقيق النبؤات التى جاءت عن زيارته أرض مصر ، قبل أكثر من 700 سنة قبل الميلاد كقول أشعياء النبى أصحاح (19). ونحن نؤمن انه عند ملئ الزمان سوف تتحقق النبؤات الإلهية:

"هوذا الرب راكب على سحابة سريعة ، وقادم إلى أرض مصر ، فترتجف أوثان مصر من وجهه ، ويذوب قلب مصر دأخلها ، قى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر ، وعمود للرب عند تخُمها ، فيكون علامة وشهادة لرب الجنود فى أرض مصر .. فيعرف الرب فى مصر ، ويعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر ... مبارك شعبى مصر " ولتحقيق نبؤة هوشع النبى فى أصحاح (11). " من مصر دعوت ابنى".

لو كان الامر مجرد هروباً أو خوف أو أضطراب أو ضغط من هيردوس الملك الذى يريد قتله ، لكانت سوريا ولبنان والأردن شمالاً والعراق شرقاً أو منقطة الحجاز جنوباً كل هذه البلدان أقرب مننا ، ولكن تنفيذاً لخطة الله الأزلية وتدبيره منذ القديم ، هروبه بالجسد العظيم .. " عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد "  هرب وهو قادر على كل شئ .. وكما قال القديس يوحنا ذهبى الفم " لو أنه منذ طفولته المبكرة أظهر عجائب لما حسب إنساناً".

أن مصر ملجاً للكثيرين منذ القديم كانوا الأنبياء والآباء  يحتموا فيها وكانت مصر ملاذ آمان لهم واحتموا فيها سنوات طويلة ، والطفل يسوع لم يجد موضع يسند رأسه فى بلده بفلسطين ، ولكن العناية الإلهية وضعة رأسه فى قلوب المصريين أثناء زيارته لهم . والسبب الثانى للهروب لمصر طاعة الفورية لملاك الرب .. يقول الكتاب المقدس " إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف البار فى حلم قائلاً : " قم وخذ الصبى وأمه وأهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك ، لأن هيردوس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه ، فقام يوسف مسرعاً وأخذ الصبى وأمه ليلاً وأنصرف إلى مصر " ( متى 13:2) . وكانت معهم سالومة بنت خالة العذراء مريم لكى تخدمهم طول الرحلة.

أختار الله مصر دون  سائر بلدان العالم رغم صعوبة الوصول إليها ، كانت رحلة شاقة جداً ، وتحملت هذه العائلة الكثير من الصعوبات أثناء هروبهم إلى أرض مصر بطول 3500 متر ، أجتازت بها برارى ووديانا وجبال ومرتفعات وصحارى وشقوق الأرض وسقوط الأمطار وحر النهار وبرد الليل ، والجوع والعطش وشوك الأرض والمخاطر الكثيرة من وحشوش الصحراء والحيوانات المفترسة والثعابين السامة ، وعصابات الليل والنهار من اللصوص قطاع الطرق ..  والوسيلة الوحيدة للسفر طول الرحلة ( حمار ) رحلة قاسية بكل المعانى . 

وهنا نتعلم من كيفية الهروب من وجه الشر.. هذا مبدء وبعد  روحى نافع يفيد كل إنسان 
والكتاب المقدس يقول "الصديق حينما يرى الشر لأبد أن يهرب أو يتوارى " هكذا فعل السيد المسيح .. والإنسان الشاطر يعرف متى وكيف يهرب من الشر بكل أنواعه : أعظم هروب هو الهروب من الشر" الهروب من  العثرات والغضب الشديد والهروب من الأشتراك فى الظلم والخطية بأنواعها، والهروب من مجلس الأشرار وأماكنهم ، والهرب من فعل الفساد كما فعل يوسف الصديق وغيره من الصالحين والأتقياء ، فالهروب حكمة عظيمة ومفيدة جداً.. يقول الكتاب فى سفر التكوين "أهرب لحياتك، لا تنظر إلى ورائك ولا تقف فى كل الدائرة ، أهرب إلى الجبل لئلا تهلك " ( تك 17:19). 

مجئ السيد المسيح له المجد والعائلة المقدسة إلى أرض مصر الحبيبة من أهم الأحداث التاريخية التى جرت على أرض مصرالغالية خلال مدة الرحلة التى تجاوزت أكثرمن ثلاث سنوات ونصف ، ومن الحوادث التاريخية عندما كان السيد المسيح يدخل أى مدينة فى مصر كانت الأوثان تسقط فى المعابد وتتكسر جميع أصنامها ، فيخاف الناس من هذا الحدث لانه غير مألوف عندهم ، ويرتعبون جداً من هذه المشاهد العجيبة ، وكان دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر سبب بركة كبيرة لأرضها وشعبها ، فبسبب هذه الزيارة قال الرب " مبارك شعبى مصر" فاصبح شعب مصر متديناً روحانياً يعرف الله حق المعرفة ويعبد الله حق العبادة حتى كملت النبؤة " فيعرف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب ويقدمون ذبيحة وتقدمة " ( أشعياء 21:19 ). وأصبحت مصر المكان الثانى للحج المسيحى بعد مدينة القدس أورشليم بفلسطين ، وأصبح العالم عاشق لمصر وتراثها .. كل عام ومصرنا الحبيبة بخير وسلام وجميعكم فى ملء النعمة والبركة.

الأرشى الأكليريكى يونان مرقص القمص دراسات عليا فى التاريخ الكنسى

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 

مشاركة