محمد الشماع
محمد الشماع


يوميات الأخبار

٤ سنوات من الأشغال الشاقة الممتعة!

محمد الشماع

الثلاثاء، 04 يونيو 2024 - 07:49 م

«لم يعد خافياً على أحد أن نسبة من القراء قد أقلعت بعيداً عن الصحافة الورقية إلى الصحافة الإليكترونية.. ولهذا أسبابه!»

تهنئة خالصة للزملاء الذين تقلدوا مناصب صحفية جديدة، أو استمروا فى مواقعهم نتيجة لما قدموه من جهد ونجاح مع خالص التمنيات بالتوفيق، ورغم إدراكى لعمق الأزمة التى تعانيها الصحافة عامة والقومية خاصة فلم يعد خافياً على أحد أن نسبة من القراء قد أقلعت بعيداً عن الصحافة الورقية، ولهذا أسباب وأصبح يتوجه إلى صحف إليكترونية ووسائل إعلامية تصدر خارج مصر أو داخلها وهو ما يفرض علينا أن نطرح السؤال: لماذا هرب القارئ منا؟

 رغم أن لدينا قامات صحفية رفيعة ورغم أننا فى مصر من أسسنا الصحافة العربية، ولاشك أن العالم تطور بينما توقفت صحافتنا عند نفس القناعات السابقة، فلم تتطور بالمعدل الذى يجب أن تتطور فيه بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعى وبعض من أسباب هذا الجمود الذى أصاب صحافتنا يعود إلى فقدانها دورها الفاعل فى تصحيح المسار الوطنى.

ولاشك أن مصر حبلى بالمواهب وأنها تستطيع أن تنجب من يملك رشاقة قلم محمود السعدنى وأحمد رجب أو عمق الفكرة لدى يوسف إدريس أو زكى نجيب محمود أو موهبة الإبداع التى امتلكها الراحل مصطفى حسين.

 اكتشاف تلك المواهب وتشجيعها ودفعها للأمام يحتاج إلى عقول صحفية تملك مغامرة التجريب ذلك ما تفعله صحافة مؤسستنا العريقة «أخبار اليوم» التى تميزت بصناعة النجوم الصحفية وضخ دماء جديدة تملك لغة جديدة وأن تفتح قنوات للتواصل مع المجتمع كما أن القيادة السياسية تعطى فرصاً غير مسبوقة للشباب فى جميع المجالات لكى ينطلق ويبدع ويحقق نجاحاته فى ظل هذا المناخ السياسى المؤيد كل التأييد للشباب.

ما تنشره الصحف يستحق كل تقدير واهتمام لأنه ببساطة يأتى فى إطار القانون واحترام حق المواطنين فى الاستجابة لشكاواهم العادلة. وتلك هى خارطة الطريق التى أتصورها للخروج من القوقعة التى عزلنا فيها الصحف إلى فضاء الحرية والمنافسة الشريفة.

التساؤلات والتحديات السابقة أخذت «الأخبار» على عاتقها وهى تسير فى طريق التطوير والتحديث المستمر لتساير التطور فى عالم الصحافة تستخدم التكنولوجيا ولا تخشاها لتحقيق الربط بين المحتوى والتقنيات الرقمية بفريق عمل يمتلك الخبرة والقدرة على الإبداع والتمييز بقيادة شابة يرأس تحريرها د.أسامة السعيد أحد أبناء الدار العملاقة «دار أخبار اليوم».

تجربة صحفية

أما وقد ظهرت بوادر نجاح التطوير الذى بدأ فى محبوبتنا «الأخبار» فإن ثقتى أن هذا التحديث والتطوير سيكونان انطلاقة جديدة للصحافة المصرية التى تمثلها صحف وإصدرات أخبار اليوم التى ولدت عملاقة.. ومبعث ثقتى ليس من فراغ فقد كانت تجربتى عندما شرفت برئاسة تحرير مجلة آخر ساعة فى الفترة ٢٠٠٥ ـ ٢٠٠٩ فإن العبء كان أثقل فى المجلات ـ آخر ساعة تصدرها مؤسسة أخبار اليوم ـ تتقاسم كل الالتزامات المهنية والأخلاقية مع الصحافة القومية، وهى ملتزمة بميثاق الشرف الصحفى الذى تحللت منه بعض الصحف والمجلات ذات التوجهات الخاصة، وهى فوق هذا مجلة أسبوعية.. فكيف لها أن تقدم زادا للقارئ على امتداد الوطن العربى يكفيه سبعة أيام فى زمن تتدافع فيه الأخبار والصحف والتعليقات كل ساعة.

لم يكن أمامنا بديل سوى أن نقود تغييرا فى الشكل والمضمون يستوعب متغيرات العصر، ويتجاوب مع احتياجات القراء واضعين نصب أعيننا أننا صحافة وطنية ترتبط أساساً بقضايا الوطن والمواطن وليس بهذا المسئول أو ذاك.. فدفعنا بجيل من الصحفيين الشباب معتمدين على جسارتهم وطموحهم الصحفى، طورنا شكل التحقيق الصحفى ليصبح مرتبطا بالحدث وليس بالمسئول، واضعين القضية دون تزويق أمام المسئولين وأمام منظمات المجتمع المدنى، وطورنا فن المقال الصحفى فتخلص فيه كتابنا من المقدمات الطوال التى تستهلك ثلث المقال قبل أن تدخل فى الموضوع.

قضايا شائكة

استكتبنا أسماء جديدة، وجعلنا موضوع الكتابة قبل شهرة الكاتب، فتحنا صفحات المجلة لقضايا لم تكن مطروحة، فعرضنا وجهات نظر الكنيسة المسيحية والمختلفين معها، وقمنا بتشريح أسباب الصدامات الطائفية، وانتقدنا معالجة المسئولين ورجال الدين لها. وكشفنا الأهداف الشريرة والمسمومة لجماعة الإخوان الإرهابية والجرائم السياسية والاجتماعية التى ارتكبوها فى حق الوطن والمواطن وفضحنا أحلامهم فى إقامة الخلافة وتقطيع أوصال الوطن.

وطالبنا بتفعيل قيم المواطنة وحقوق المواطن، وانتقدنا إخضاع القيم الدينية، لألاعيب السياسة وطموحات الساسة وأدرنا مع الحكومة حوارا وطنيا اختلفنا فيه مع عدد من الوزراء ومنها الصحة بخصوص مشروع للتأمين الصحى واقترحنا مشروعا بديلا.

وفى قضية الدعم كنا أول المبادرين فانحزنا فيه إلى الناس الغلابة ونبهنا الحكومة إلى أن الدعم فى أى صورة هو إجراء استثنائى، ولا بديل عن اتخاذ سياسات قادرة على تأمين دخول وفرص عمل مناسبة للطبقات والشباب وهذا ما يجرى تحقيقه الآن، تابعنا الحراك والصراعات السياسية داخل الأحزاب، وفى كل ذلك لم تكن القضايا العربية غائبة عنا وفى المقدمة والقلب منها قضية فلسطين وأعددنا ملفا كاملا عن المقاومة وحركة حماس وضرورة المصالحة بين الفصائل الفلسطينية محذرين لما يمكن أن يتعرض له الشعب الفلسطينى من جراء الغطرسة الإسرائيلية وهو ما يحدث الآن!

وفى الأدب والفن انحزنا إلى الإبداع الملتزم، أدراكا منا أن الارتقاء بالمستوى الإبداعى يكون عبر حركة تنوير ترفع الوعى النقدى وتشيد بالإبداع والالتزام. وأخذت الرياضة حيزا كبيرا من اهتمام فريق العمل فكنا مع الالتزام بالأخلاق الرياضية وعدم التعصب وشجعنا منتجاتنا الوطنية وقدمنا مساحات لكل الرياضات.

الجائزة الكبرى

كانت المفاجأة هى معدلات تجاوب القراء، فقد ارتفعت أرقام التوزيع أضعافا مضاعفة جعلتنا بفخر أوسع المجلات العربية انتشارا، وكان مدهشا أن المراسلات التى تأتينا أغلبها من شباب فى سنوات الدراسة الجامعية وذلك يؤكد أن رهاننا كان صائبا، وأننا استطعنا أن نلامس طموح واهتمامات الأجيال الصاعدة.

لقد حصلنا على جوائز صحفية محلية وإقليمية ودولية وتوجناها بجوائز نقابة الصحفيين وجائزة مصطفى وعلى أمين فى تطوير مجلة آخر ساعة وكانت اللجنة مكونة من أستاذنا مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين والكاتب الكبير محمد طنطاوى أمين الجائزة والكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة والشاعر الكبير فاروق جويدة الذى تشرفت بتسلمى الجائزة منه فى حفل كبير ضم نجوم الإعلام والصحافة والفن فى نقابتنا العريقة.

أما الجائزة الكبرى فهى الجيل الذى نشأ وتربى فى أحضان تلك التجربة الرائعة وأصبحوا رؤساء تحرير لكبريات الصحف المصرية والمواقع الإخبارية بل وفى صحف ومؤسسات عالمية.

لم تكن التجربة سهلة لكنها كانت أشغالا شاقة ممتعة استمرت أربع سنوات من النجاح، رغم كل ما حاوله أعداء النجاح أن يقتلوا التجربة فى مهدها.

لكل ذلك فإننى متفائل بنجاح عملية التطوير فى معشوقتنا «الأخبار» التى ستحقق طفرة صحفية وإعلامية تحدث نقلة نوعية ومهنية فى الصحافة المصرية والعربية لقرائنا الأعزاء الذين يستحقون منا بذل كل جهد وإبداع ومتعة وفكر وإعلام مستنير وواعٍ.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة