صالح الصالحي
صالح الصالحي


يوميات الاخبار

قصص وحكايات أطفال غزة

صالح الصالحي

الإثنين، 10 يونيو 2024 - 08:40 م

جرائم الاحتلال الإسرائيلى مستمرة.. تستهدف أطفالاً لا ذنب لهم، والعالم ينظر متفرجاً.. وكأن القلوب انتزعت من الصدور

قصص وحكايات أطفال غزة تفطر القلوب وتدمى العيون، وتصيب الإنسانية بالحزن والأسى والاكتئاب، وتحرك المشاعر الجامدة والمتحجرة. ورسائلهم للعالم يكتبونها بدمائهم ويغلفونها بفزعهم ورعبهم.. منهم من استشهد، ومنهم من فقد أحد أطرافه أو أطرافه كلها، ومنهم من فقد أسرته، أمه وأباه وأخوته، ومنهم من حوصر بين جثامين وأشلاء أسرته، ومنهم من حُبس تحت أنقاض منزله، ومنهم من أصيب بأمراض نفسية وعصبية مما عاشه من لحظات خوف ورعب، إثر استهدافهم واستهداف منازلهم وهدمها فوق رؤوسهم بقذائف الاحتلال الإسرائيلي.


جرائم الاحتلال مستمرة منذ ٧ أكتوبر الماضي.. وعلى كل لون بلا رحمة من قتل وتعذيب وتشريد وتجويع وسفك دماء لأطفال لا ذنب لهم إلا أنهم ولدوا فى غزة ويحملون الجنسية الفلسطينية.. كل ذلك والعالم ينظر متفرجا وكأن الإنسانية انتزعت من القلوب.. الكل يشاهد ويكتفى بعبارات التنديد والشجب والإدانة، دون أن يتحرك أحد.


وهنا أتذكر القمة العربية التى عقدت فى بغداد فى ٣١ مارس ١٩٧٩، والتى جاءت عقب القمة التى عقدت فى ٢ نوفمبر ١٩٧٨ فى بغداد أيضا.. وذلك بعد خمسة أيام من التصديق على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، حيث اجتمع القادة العرب فى غياب مصر وقرروا تجميد العلاقات مع مصر، وانتقلت على إثرها أمانة جامعة الدول العربية من مقرها فى القاهرة إلى تونس.. وذلك لأن مصر وقعت اتفاقية السلام مع إسرائيل.. أما الآن ورغم ما يحدث لأهالى غزة منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ لا نستطيع اتخاذ قرار حاسم.


وهنا أوجه السؤال إلى قادة دول العالم خاصة أمريكا والغرب، هل تذهبون إلى الفراش وتنامون مرتاحى الضمير؟! ألا تطاردكم فى أحلامكم دماء ووجوه الأطفال؟!
لقد كشفت إسرائيل حقيقة وكذب أمريكا والغرب بل كشفت زيف وضلال الإعلام الأمريكى والغربي.. فلا حقوق إنسان، ولا حرية للرأى والتعبير، ولا حرية للإعلام والصحافة ولا عدل فى وجود إسرائيل.. كل شيء يسقط من أجلها.. بل كل الدعم والحماية لها.. ولا عزاء للإنسانية التى انتزعت منها الرحمة، فقد ماتت القلوب فى الصدور.. لابد من تحرك دولى سريع لوقف الإبادة الجماعية التى تمارسها اسرائيل على المواطنين فى غزة، فلم يعد البكاء تعاطفا.
بناء الوعى ضرورة
لا مفر من بناء الوعى لدى المواطن المصري.. فالأمر لم يعد رفاهية أو مجرد أحاديث للتسلية.. بل أصبح ضرورة ملحة للحفاظ على المجتمع ونسيجه، وانتماء أفراده للوطن.. ولذلك أصبح الوعى هو الشغل الشاغل للدولة المصرية خلال المرحلة الحالية والقادمة.. فهو عملية مستمرة ومتطورة.. باعتباره الاقدر على مواجهة الحروب الحديثة والتى تبنى على الزيف والشائعات، مستخدمة فى ذلك سلاح المعلومات.


بناء الوعى والإدراك يتطلب تربية الأطفال منذ الصغر على التفكير والبحث والتدقيق.. فليس كل ما يصلنا صحيحاً ولا يجب أن نأخذه ونسلم به مجرداً مهما كانت الوسيلة التى يصلنا عبرها.. وهو ما يتطلب منا التكاتف جميعاً.. واعتباره مهمة قومية ووطنية ومشروع الجمهورية الجديدة. ولتكن البداية من المدرسة.. والتى يجب أن تتحول فيها المناهج من التلقين والحفظ  إلى مناهج مرنة تساهم فى بناء التفكير والإبداع.. فكيف لتلاميذ يتربون على التلقين مواجهة ما تحمله وسائل التواصل الاجتماعى من سلب للعقول، والسيطرة عليها، وإخضاعها لنزواتها ورغباتها؟!
التفكير أصبح ضرورة ملحة، بالإضافة إلى المعلومات وتوافرها من مصادرها الحقيقية.
وإذا أردنا بناء وعى حقيقى فلابد أن نبدأ بمنظومة متكاملة وخطة مدروسة تنفذ على مراحل، يتخللها دراسات لقياس مدى نجاح أو فشل الخطة.. وعلينا أن نهتم بالمدرسة والأسرة والمؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية والصحفية والجامعات.. لابد من تقسيم المجتمع إلى شرائح سنية مع دراسة خصائص كل شريحة وطبيعتها وثقافتها وبيئتها واللغة التى يجب أن نخاطبهم بها.. ونحدد أسلوب وطريقة الوصول لهم والتفاعل معهم حتى نندمج معهم ويثقوا فينا، ثم نبدأ عملية البناء الحقيقى للوعى والانتماء للأسرة وللمجتمع والوطن.
الحب الحقيقى
تلقيت اتصالاً تليفونياً من أحد الأصدقاء، وكان منزعجاً ومنفعلاً جداً، لدرجة أننى لم أستطع أن أميز كلامه.. طلبت منه الهدوء حتى أسمعه. وعلمت منه أن ابنه الذى تعدى الخامسة والثلاثين عازف عن الزواج، وأنه لا يعرف سبباً لذلك.. طلبت منه إعطاء التليفون لابنه الذى كان يجلس بجواره.. واتفقت معه على لقاء.. وبالفعل جلست مع الشاب، وسألته لماذا تهرب من الزواج؟! أجاب بصراحة لقد اصابنى الفزع عندما علمت أن نسبة الطلاق وخاصة بين الشباب فى زيادة.. وهالنى أن هذه النسبة مرتفعة فى الزيجات القائمة على حب.. ولا أعلم سبباً لذلك.. وأنا لا أريد أن أفشل فى الزواج.. وينتج عن ذلك أطفال يصابون بأمراض نفسية فهم دائماً من يدفعون ثمن الطلاق.


نظرت له باهتمام، وقلت هذا أمر قد يحدث لاسباب عديدة منها الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وعدم التفاهم والعناد الذى يولد الكفر واختلاف البيئة التى ينتمى لها كل من الزوجين.. بالاضافة إلى مستوى التعليم والثقافة وغيرها من الأمور المعتادة.. أضف إلى ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، والتى أصبحت سبباً رئيسياً للطلاق.. فهى بدلاً من أن تقربنا زادت من غربتنا.. وجعلت أمامنا بدائل عديدة وسهلة.. وجعلتنا أكثر انفتاحاً وأثرت على مشاعرنا وأحاسيسنا بالسلب.. لقد قضت على الرومانسية والشجن الذى كان يملأ النفوس وأصبح التفكير فى المادة.
هذه أسباب الطلاق فى المجمل.. أما أسباب الطلاق للزيجات القائمة على الحب.. فترجع إلى سبب رئيسى أنه ليس حباً حقيقياً.. وإنما كلا الطرفين يتجمل، ولا يظهر على طبيعته إلا بعد الزواج.. فالحب يجب أن يكون قائماً على الصراحة والصداقة والرفقة والاهتمام المشترك.
وكما يقول الدكتور مصطفى محمود فى كتاب «الحب والحياة» إن الحب لون نادر ساحر.. وأدواته الذكاء والحس المرهف والعاطفة المتوقدة والبصيرة الشفافة والفطرة النقية والوجدان المتألق.. فالحب لا شبع فيه لأنه ليس خطة وفخاً، ولكنه تجاوز دائم للواقع واحتمالاته هو اتحاد فى الجوهر هو التشوق والنزوع والالتياع.. والحب الحقيقى لا يطفئه حرمان.. ولا يقتله فراق.. ولا تقضى عليه أى محاولة للهرب منه.. لأن الطرف الآخر يظل شاخصاً فى الوجدان.. هو اتحاد شديد العمق.. يؤدى التفريق فيه إلى العذاب والألم.. فهو هوى نفسين، وتلازم مزاجين، وتفاهم عقليتين وارتياح الفطرة إلى فطرة أخرى، فهو كالقدر والضرورة والمصير تجمع الاثنين عبر كل حدود الممكن والواقع رغم حوائل الزمان والمكان.. وحدة لا يجدى فيها فراق ولا تبترها قطيعة.. هو وحدة الروح.. كل طرف يشعر بأنه يعرف الآخر منذ زمن وأنه ليس غريباً عليه.. هو الذى يعيش ويتحدى النسيان ويضفى النبل والجلال على أبطاله.. ورغم أنه نادر فى زماننا لكنه موجود.
وأخيراً: الحب قدر وضرورة ومصير.. أما غير ذلك فهو ليس حبا، وبالتالى لا تظلم الحب.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة