فرج أبو العز
فرج أبو العز


يوميات الاخبار

لبيك اللهم لبيك

فرج أبو العز

السبت، 08 يونيو 2024 - 05:32 م

مع كل موسم حج أتذكر تلك اللحظات بخشوع وإدراك لأن الحج والعمرة نداء لدعوة طلبتها خالصة لوجه الله تعالى.. اللهم يسر أمرنا واكتب لنا جميعًا عمرة أو حجًا لبيتك الحرام .

هكذا فاجأنى زميلى وصديقى مدير التحرير محمد درويش المشرف على صفحات الرأى واليوميات بالجريدة.. ورغم أننى تعودت على مفاجآت أبو درويش - كما يحلو لنا أن نناديه - لكن فى كل مرة نستمتع بالخضة التى تنتابنا مع مفاجأته. الخميس الماضى ــ وفى إطار خطة التطوير الشامل للجريدة بقيادة الدكتور أسامة السعيد رئيس التحرير ــ أخبرنى أبو درويش أن يومياتى ستنشر الأحد وعليك تسليمها الجمعة أو السبت صباحًا كأقصى تقدير.

كثير من العناوين والحكايات جالت بخاطرى فى رحلة بحثى عن موضوع للكتابة لكن كما يبدو جليًا أن العمرة والحج نداء من الله لعبده الذى دعاه بصدق وسريرة فالكتابة أيضًا تأتى نداءً وإلحاحًا لأحداث عبرت وتاهت فى تلافيف الذاكرة لكنها ثارت فى لحظة وأبت أن تستكين.

أول عمرة

قبل أيام من بدء مشاعر الحج أتذكر أول عمرة طلبتها من رب العالمين هروبًا من لحظة ألم وضيق صدر انتابنى.. كنت فى طريقى لصالة التحرير وبينما أنا منتظر المصعد وجدت إعلانًا عن عمرة تنظمها المؤسسة بمبلغ يعد زهيدًا بمنطق اليوم لكنه كان صعبًا فى تلك الأيام مطلع تسعينيات القرن الماضى.
نطقت بدون تفكير: إذن وجدتها. وقررت التقديم لرحلة العمرة وذهبت مسرعًا أزف البشرى لكن عقبة مقتضيات الواقع ألجمت لسانى وجعلت مبتغاى يكاد يكون مستحيلًا تحت ضغط أقساط عفش البيت والأجهزة الكهربائية وغيرها وأدركت أنه ليس لى نصيب وسلمت أمرى لله الذى لا يغفل ولا ينام.

أيام ويدق جرس الهاتف وأسارع بالرد لأجد على الطرف الآخر مكتب وزير الاقتصاد -وكان وقتها الدكتور يسرى مصطفى، رحمة الله عليه- يبلغنى باختيارى ضمن الوفد الصحفى المرافق للوزير فى مهمة افتتاح أول معرض للمنتجات المصرية فى مدينة جدة وعلىَّ سرعة تقديم جواز السفر استعدادًا للرحلة.. تنفست الصعداء.. أحمدك يا رب. هكذا دعاك الله لتعتمر لبيته الحرام دون تكلفة ولا مشقة ولا عناء التفكير، فالمسافة بين جدة ومكة المكرمة أقل من الساعة.

بعد افتتاح المعرض والذى منه توجهنا لأداء العمرة أنا وزميلى جلال راشد الصحفى بجريدة الجمهورية -رحمة الله عليه- ورأفت أمين الصحفى بجريدة الأهرام -متعه الله بالصحة والعافية- وعهدنا بالقيادة لزميلنا الحاج جلال لتمرسه فى العمرة والحج.. وبعدما تحللنا من العمرة أصر الحاج جلال ألا يحرمنا من أى شىء وقادنا ونحن بملابس الإحرام للذهاب لزيارة المسجد النبوى الشريف وقبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- وقادتنا التساهيل للصلاة فى الروضة الشريفة واستنشاق أريجها الذى لا تتشبع منه.

أخلص النية

كانت من أحلى العمرات التى أديتها فى حياتى كونها الأولى وجاءت على اشتياق ونداء من الله دونما ترتيب بشرى ولأن النية الخالصة وصلت لرب كريم عليم فدعاك ضيفًا على بيته بكل سهولة ويسر.. وعندما سافرت للعمل فى السعودية الشقيقة من فضل الله تعالى جاءت إقامتى فى جدة وطوال خمس سنوات عشتها فى تلك المدينة التى تكاد تتشابه كثيرًا مع مدننا المصرية ولا تفتقد فيها إحساس الأمان والألفة.. داومت -كتقليد يكاد يكون شهريًا- على أداء العمرة كلما اشتاقت نفسى لدرجة أجد حاليًا صعوبة فى حصر عدد العمرات التى أديتها.. وعندما انتقل مقر عملى من جدة إلى الرياض لمدة خمس سنوات أخرى حرصت على أداء فريضة الحج سنويًا.. ومع كل موسم حج أتذكر تلك اللحظات بخشوع وإدراك لأن الحج والعمرة نداء لدعوة طلبتها خالصة لوجه الله تعالى.. اللهم يسر أمرنا واكتب لنا جميعًا عمرة أو حجًا لبيتك الحرام.. وصدق بيرم التونسى ملك العامية عندما وصف الاشتياق لبيت الله الحرام فى قصيدة «القلب يعشق كل جميل».

يا رب بقدرتك وعظمتك يسر أمور ضيوفك لحج هذا العام وأتمم عليهم الفريضة بأمان وسلام وأن يعودوا لأهاليهم سالمين غانمين.

ما خفى أعظم

كثيرًا ما تحدث لك أشياء قد تبدو غريبة ومريبة لكنك لا تدرك لماذا حدثت ومَن وراءها.. تستغرق فى فحص وتمحيص وتمعن التفكير لحل اللغز دون جدوى وكأن هناك من يحجب عندك الرؤية لتستمر ضبابيتك تجاه الحقيقة.

النصيحة لا تجتهد طويلًا فى تفسير حدث ما يمثل لك لغزًا مثل فقدان أموال أو هجر صديق أو فساد علاقة فربما عدم إدراكك للحقيقة فائدة لك وخير لك كبير لم تستطع تفسيره فى وقت ما.. ويومًا سيأتى تفسير ما حدث دون أن تطلبه لكن من نعمة الله عليك أنك وقتها ستكون تعافيت ونهضت بعد كبوة وقد تستغرب حزنك الشديد على ما حدث وتدرك أن حدوثه كان سببًا فى خير كتير.

الله وحده بكل علم عليم وهو الخالق المدبر ولا يظلم أحدًا ولا يأتى بالشر لكنها ابتلاءات يختبرك الله بها فى ميزان الرضا والتسليم.. هذا ليس حديث دروشة لكن العلم الحديث أثبت بالفعل أن بعض التجاهل مفيد فى حياتك اليومية وأنه ليس مهمًا على الإطلاق أن تمسك تمامًا بكل خيوط اللعبة فربما هناك خيوط ستبرز لك فى الوقت المناسب الذى حدده الله بعد أن تكون قد تعافيت وأصبحت قادرًا على المواجهة.

هناك كثير من الحكايات تثبت ذلك وأن هناك ألغازًا تكشفت بعد وقائعها بسنوات وكان حجب الله للحقيقة حينها خير معين على النجاة والتعافى.

الخلاصة: خليك دائمًا مع الله واعمل الخير وارمه البحر.

بحبك يا سلوى

منذ أيام طالعت خبرًا أن نيجيريا  فرضت عقوبات على من يُقْدِم على إهانة عُملتها.. وتمنيت أن يكون لدينا -ونحن أكبر دول القارة قاطبة- تشريع يوقف فوضى إهانة العملة التى نرتكبها يوميًا.

ليس غريبًا أن تقع فى يديك عملة من فئة العشرة جنيهات فأقل ملطخة بالأحبار وكلمات تثير الضحك والبكاء معًا.. الظاهرة كانت لوقت قريب معظمها على العملات الورقية فئة الخمسين قرشًا أو الربع جنيه لكنها شحت بما يعد إشارة إلى أنها إلى زوال.. الآن جل التركيز على الجنيه - أعانه الله - والخمسة جنيهات التى طرحت منها نسخة باهتة أو ممسوحة تثير الشبهات وحاملها عادة ما يسربها مثل قطط الشوارع.

كثيرًا ما ستجد عشرين جنيهًا مكتوبًا عليها: صديقى المحترم فلان الفلانى فى ذكرى ميلاده والتاريخ يعود لعشر سنوات، لتفاجأ بأن الصديق المُهدَى إليه تعثر وأطلق ذكرياته المكتوبة على ورق البنكنوت للتداول.

ورقة أخرى من فئة الخمسين جنيهًا مكتوب عليها: من أحمد إلى خطيبتى وزوجة المستقبل سلوى.. عيد ميلاد سعيد.. ولعل القدر لعب لعبته مع أحمد وسلوى وتم فك الخطوبة فاضطرت لشراء كيس شيبسى ومشروب كانز وباكو بسكويت وليذهب الحب للجحيم.

ولا يقتصر تشويهنا وإهانتنا للعملة على الأوراق المالية صغيرة القيمة بل يمتد للفئات الكبيرة مثل المائة والمائتى جنيه فتجدها ممهورًا عليها رقم مثل: ١٠ آلاف جنيه حساب مخبز الحاج عبد المعبود.. أو: إلى زوجتى الغالية فى عيد زواجنا الأول.. أو: ٥٠ ألف جنيه حساب شطر بقرة من جزارة المعلم فؤاد.. وهكذا تتوالى مسلسلات إهانة العملة وتلطيخها بالأحبار الأمر الذى يهدد الصحة بجانب تهديد قيمتها والحط من قدرها.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة