سليمان قناوى
سليمان قناوى


أفكار متقاطعة

المنسى دائما

سليمان قناوي

السبت، 22 يونيو 2024 - 06:22 م

«مر هذا العيد وصاحبه «غائب» أو مغيب. بأى حال عدت يا عيد الأب»

منسى فى كل زمان ومكان.

منسى رسميا..

منسى شعبيا..

منسى عائليا..

منسى عربيا..

منسى إنسانيا..

مر عيد الأب أول أمس وكأن شيئا لم يكن.. لم نسمع عن احتفال أسرى بتورتة أو بدون، بوردة أو بدون. الأب يوم عيده لم يتذكره أحد وكان كالعادة نسيا منسيا. تخيل بعض الآباء أنهم تابعوا الإذاعة والتليفزيون وهما يعيدان أغنية «سيدى الحبايب يا حبيبى يا حبيبي» لكنهم أفاقوا أنها أغنية «مش» موجودة أصلا.

حظ الأب تعيس حتى فى صك تعبير بليغ مثل ست الحبايب، فهل سمعتم تعبير أبو الحبايب. لا أريد هنا أن أقلل من دور الأم، ولكن أنعى سوء حظ الأب الذى لم يتذكره أولاده ولو بكلمة «كل سنة وأنت طيب».

لا أتحدث هنا عن مشاعر ذاتية، فلله الحمد بناتى بارَّات بي. لكن أتحدث عن سلوك سائد وتقليد مستقر هو النسيان التام وغياب الامتنان لكد وكفاح الأب لتوفير أجود حياة ممكنة وأفضل تعليم متاح وأحسن اختيار للأبناء عند بناء أسرة جديدة : الأزواج للبنات والزوجات للأبناء.

خط متصل من مكابدة ابتلاءات الحياة منذ ولادة الابن حتى يستقل ويبنى أسرة جديدة، ولا يعنى هذا الاستقلال التام، فحين يأتى الأحفاد يتواصل العناء فلا تتوقف متابعة أحوالهم «الولد سخن» يهرع الجد مع الابن والابنة لأقرب مستشفى للاطمئنان. يقوم الأب ثم الجد بهذا الدور على مدى عمره دون تململ وحتى دون انتظار ولو مجرد نظرة امتنان أو كلمة شكر.

رسميا يعيش الأب فى وادى النسيان الأعظم فلا تتذكره وزارة التضامن ولا أى هيئة أو مؤسسة ولو بالإعلان عن مسابقة للأب المثالي. وإذا كان الكثير من حيثيات فوز الأم بجائزتها المثالية سنويا هى كدها لتربية وتعليم أولادها بعد وفاة زوجها وهم لايزالون صغارا، نستطيع أن نجد آلاف الأمثلة على آباء فعلوا ذلك دون أن يذكرهم أحد بكلمة شكر. بل إن أول من ابتدع عيد الأب تاريخيا، كانت فتاة أمريكية اسمها «سونورا سمارت» بولاية ميتشجان، ماتت أمها عام ١٨٩٨، ورباها والدها هى وخمسة من الأيتام، أحسن تربية، فقدمت عريضة عام ١٩٠٩ تدعو للاحتفال بيوم الأب. وتمت الموافقة على العريضة واعتماد ٢١ يونيو عام ١٩١٠ عيدا للأب.

وبعد ذلك باثنين وستين عاما وافق الكونجرس الأمريكى على اعتبار عيد الأب عطلة رسمية. ويرجع بعض المؤرخين الاهتمام بالأب لما قبل ٤٠٠٠ عام بمدينة بابل، حين اعتنى شاب كلدانى اسمه «علمسو» بوالده لأنه كان يحن عليه فأراد أن يسجل تمنياته لوالده بالصحة والعافية والعمر المديد على لوحة من الطين، فصممها وأهداها له. 

لهذا الحد كان العالم القديم والحديث مهتما بالأب دون أن ينتقل ذلك لعالمنا العربى إلا فى السنوات الأخيرة وعلى استحياء. فأربع دول عربية فقط (مصر والأردن وسوريا ولبنان) هى التى تعرف ٢١ يونيو عيدا للأب، إلا أن هذه الدول تحتفل به (على الساكت) فمازال معظم المصريين لا يعرفون أصلا أن هناك عيدا للأب.

مع أنه كم من الآباء فى بلدنا قدموا الغالى من التضحيات لأبنائهم، فأصبح عاديا أن تجد أبا يتبرع بكِليته لإنقاذ حياة ابنه أو بفص من كبده له أو لها، وكانت هذه هى قمة التضحية أما أبسطها فإن الكثير من الآباء قتروا على أنفسهم دون أن يمتد التقتير للأبناء، فكثيرا ما توقف الآباء عن شراء ملابس جديدة للعيد حتى يشتروا لأولادهم أشيك الملابس لضيق ذات الجيب وارتدى الآباء ملابسهم القديمة حتى يسعدوا أولادهم ولا يظهروا بشكل أقل من أقرانهم. كم أنت عظيم يا كل أب.
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة