الكاتب الصحفي أحمد المراغي
الكاتب الصحفي أحمد المراغي


أحمد المراغى يواصل رصد "مافيا حج ٢٠٢٤".. أيام الصدمة والرعب |٢

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 24 يونيو 2024 - 10:06 م

كنت أظن وليس كل الظن إثم ان سنوات خبرتى التى تجاوز الربع قرن فى بلاط صاحبة الجلالة جعلتنى قادرا على أن أنحي مشاعرى وانفعلاتى وربما دموعى جانبا لأمارس طقوس تلك المهنة الاستثنائية التى اشتهرت بأنها لاتحمل بين ضلوعها قلبا ولا تعترف الا بالسبق الصحفى ولحظة دوران ماكينة الطباعة . لكننى اكتشفت أن هذا الظن خطيئة عظيمة حينما بدأت أكتب عن هذه الجريمة التى حولت ثياب الحجاج البيضاء الى أكفان حملتهم غرباء عطشى متأثرين بحرارة غليان دم العروق وقهر القلوب الى دار الحق والبقاء وعند الله تجتمع الخصوم. نعم هى جريمة .. جريمة مكتملة الأركان مع سبق الإصرار لا أبالغ فى ذلك أبدا وأصر على تلك التسمية .. جريمة بدأت من هنا وانتهت هناك و بين البداية والنهاية سماسرة قتلة كانوا يدركون ما سيحدث وكانت أماهم فرصة التراجع وإنقاذ عشرات وربما مئات الأرواح البريئة التى نشدت بيت الله الحرام ولكنهم أصروا على مافعلوا واستكبروا استكبار وقرروا استكمال صفقتهم القذرة لأنها ربما ستكون الأخيرة و ان هذا العام سيكون عام النهاية لموسم " السبوبة اللعينة "..لذا فقد بيتوا النية واتخذوا القرار .. وكأنى أسمعهم بصوت كفار الجاهلية : "اذن لنحصل على أكبر مكسب ممكن أيا كان المقابل " وهكذا دفع طالبو الرحمة الثمن بلا رحمة.

سماسرة البشر

على قد فلوسكم * كانت هذه الجملة هى الأكثر انتشارا وتكرارا على طول الشوارع الخلفية لمنطقتى العزيزية ومكة القديمة كانت تتردد بين جدران مئات المساكن المؤجرة للحجاج غير النظاميين ..نفس الجملة وإن اختلفت الأصوات الخشنة التى ترددها والوجوه القبيحة التى تلقيها .. هنا وفى هذه اللحظة بدت مقدمات الصدمة لكل الحجاج بلا مبالغة وتحديدا حينما اصطدم الجميع بواقع مختلف تماما لما كان فى مخيلتهم طبقا لما قدمه لهم سمسار البشر منظم الرحلة من صور وفيديوهات واعلانات لأماكن اقامتهم لمدة قد تصل لأربعين يوما وليلة حيث تم الاتفاق على خطة الرحلة بالكامل من طيران ومواصلات داخلية واقامة بمكة والمدينة المنورة والانتقال للمدينة والعكس والأهم من كل ذلك رحلة التصعيد لعرفات وهى الخطوة الأهم والأكثر خطورة فى جدول الرحلة ومع كل الأسف فقد انهارت هذه الخطة بالكامل عند البعض وجزئيا عند بعضا آخر أفضل حظا وان اجتمع الكل فى النهاية فى يوم عرفات الذي سيكون عنوانا للحلقة الثالثة الأكثر قهرا فى حلقات هذه السلسة ..حلقة الموت على أرصفة الغربة .

ضحايا النصب مع سبق الاصرار

النجاة من الموت بدأت مرحلة الصدمة عندما وصل الضحايا ( ضحايا النصب مع سبق الاصرار ) إلى مساكنهم التى ستحتويهم لفترة تصل لأربعين يوما وتزيد قليلا عند بعضهم حيث كانت المفاجأة المدهشة فى انتظارهم. راسلنى م.س.ع لأنشر بعضا من أهوال رحلته وأسرته بعد أن كتب له الله النجاة من الموت وبعد غيبوبة استمرت لأكثر من خمس ساعات تمتم خلالها بالشهادة فى لحظات أدرك أنه سيقابل فيها ربه (كما سنحكى بالتفاصيل لاحقا فى الحلقة الثالثة ان شاء الله) حيث قال : " كان صوت عراكنا مع سمسار الرحلة يكاد يصل إلى كل المساكن التى بجوارنا ولم يكن يمنع أن يسمعنا الجيران الا أن صوت مشاجرتهم مع سمسارهم كان مثلنا وربما أعلى كان كل شئ مختلف و ليست هذه هى الغرفة التى شاهدناها واتفقنا عليها و ليست تلك الأسرة التى ترفض بعض مخلوقات الله النوم عليها تعففا ..سكن حقير ..اثاث أكثر حقارة ..مبان لا ترى شمسا ولا تستنسق هواء ولا تخطر على عقل بشر ..اشبه بثكنات عمال التراحيل فى افلام الحرب العالمية وماصورته لما فعله الألمان بهم ..شئ يدعو للغثيان وحينما بدأ الكل يتصل بالكل لأن أغلب الرحلات كانت على معرفة ببعضها سواء من نفس القرية او عن طريق زملاء العمل او العلاقات العائلية ..اكتشف كلا على حدة انه لم يكن المخدوع الوحيد ولكن الأغلب تم خداعهم. واستطرد قائلا هنا استسلم الجميع لغضبه ولم يتمالك أغلبنا أعصابه ونسى أنه فى حالة إحرام تستوجب السكينة والهدوء وأوامر الإحرام الصارمة ووصل الامر بالبعض للتشابك بالقول والفعل وحولت المشاجرات لون ملابس الاحرام البيضاء الى لون كالح متسخ حين وقعت من على اكتاف اصحابها ومسحت ارض الغرف البالية . اللى مش عاجبه يروح وتكمل إ .م .س ابنة الحاج م. س : لم يكن أحدنا يتوقع أن يتحول هذا الرجل الطيب ذو الصوت الوديع والاخلاق النبيلة الى هذا الشخص الهائج وهو يرمى كلماته القبيحة فى كل اتجاه .."اللى مش عاجبه يروح . ده إللى عندى هو انتم دافعين كام يعنى ..ده انتوا بتحجوا ب ١٠٠ الف جنيه واقل حج رسمى وصل ٢٥٠ الف جنيه احمدوا ربنا و ارضوا باللى انتوا فيه غيركم مش لاقى ". وتكمل الفتاة الشابة التى سيكون لها دور بطولى فى الحلقة الثالثة : وهكذا انقسم الحجيج فى أغلب المساكن والعمارات التى حولنا الى فريقين الأغلب استسلم لخشونة اللهجة الجديدة وعبوس الوجه القبيح ولصدمة الكلام القاسى الذى هو " منطقى جدا " وأما الفريق الآخر ومنهم أبى فقد رفض الاستسلام وهدد بطلب الشرطة السعودية ضاربا بكل أحلامه فى الحج والعمرة والاستمتاع بهما عرض كل الحوائط ولأنه أبى واعرفه جيدا لم يكن تهديده مجرد كلام بل كان تهديدا حقيقيا فى طريقه للتفعيل خاصة بعد أن أمسك بهاتفه طالبا النجدة وهنا ظهر وجه جديد فى الحكاية وهو العم "ف" صاحب السكن والذى فهم ايضا ان ابى لا يهدد فقط وانما ينفذ تهديده فما كان منه الا ان اصطحب أبى جانبا وأسر إليه حديثا فهمت فيما بعد انه اتفاق فردى لاعلاقة له بالجماعة التى اتينا فيها وأن مااتفق ابى عليه فى القاهرة سيجده واقعا فى مكة المكرمة خلال ساعات بسيطة ..وقد كان " وهكذا فاز فى الجولة الأولى صاحب الصوت الأعلى والتهديد الحقيقى والقلب ورغم ان الفوز هذه المرة كان من نصيب ابى وأمثاله من رفقاء الرحلة الا ان الأيام التالية لم تكن تحمل أى فوز من أى نوع لأى أحد فقد كان الجميعا من أصحاب الخسارة الفادحة .

ليلة الرعب الأولى

ليلة الرعب الأولى لا تعتبر صدمة السكن رغم بشاعتها وماتلاها من صدمات اخرى كوسائل النقل الى المدينة المنورة وحالة السكن هناك ورحلة العودة منها الى مكة مرة اخرى والزيادات المبررة وغير المبررة طوال الاسبوع الاولى من الرحلة حيث لا تعتبر شيئا يذكر مقارنة بما حدث بعد العودة من المدينة وتحديدا قبل ثلاثة أسابيع من وقفة عرفات حين دقت هواتف الحجيج بعضهم الى بعض ليبلغ كل واحد منهم الآخر أن الشرطة تنتشر فى المكان كخلايا النحل وقبل أن يفيق أيا منهم من صدمة الخبر كانت كل الأبواب تصفع بقبضات أيد قوية وصدمات أرجل صارمة تحملتها بعض الأبواب وتهشم أغلبها أمام قوة القانون حين دخلت قوات الأمن على الرجال والنساء ليكتشف الجميع كذب سمسار حجتهم الذى وعدهم بسلامة وضعها الشرعى والقانونى وأنه يعرف جيدا كل بواطن الأمور وأنه جاهز لأى موقف بخطط بديلة ووصفات مجربة وكأنه شيخ مشايخ قبائل مكة وما حولها وقد حاوطهم كم عظيم من الرعب لم يخطر أبدا يوما على بال أحدهم ولا فى أسوء كوابيس اليقظة والنوم . تخيل معى عزيزى قارئ هذه السطور قوما لم يدخل أغلبهم يوما الى قسم شرطة الا طالبا لخدمة رسمية يغادر بعدها المكان فورا وربما لا يدخله الا بعد سنوات طوال لتجديد تلك الخدمة أو تفعيل خدمة أخرى لا يتحدث خلال تلك السنوات لرجل امن الا مطالبا بإشهار أوراق قيادته ويرحل بابتسامة لطيفة بينه وبين رجل الامن وفى اقصى الظروف لو كانت اوراقه غير سليمة يدفع المخالفة المطلوبة ويمضى الى حال سبيله . فجأة يجد هذا الشخص المسالم نفسه مطارد جنائيا ومطلوب القبض عليه ووضعه فى سيارة المقبوض عليهم الكئيبة التى لم يتخيل يوما وفى أسوء كوابيسه ايضا أنه سيكون وسط هؤلاء ليتم ترحيله عبر الصحراء القاسية دون أهله ..دون مرافيقه ..دون حقائبه ..ولا حتى علب ادويته .. ليلقى على الحدود بين مكة وجدة يواجه مصيره بنفسه ويتخذ القرار الذى يصل إليه عقله فمنهم من يقرر العودة ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلا . أيام الرعب وهروب السمسار وتتعالى صرخات النساء وآهات الرجال يوما تلو آخر متوسلين لرجال ينفذون القانون أن يستحلفونهم بالله ورسوله و بكل مايستطيعون ذكره أن يتركوهم ليواصلوا رحلتهم الى عرفات الله ..ولكنه القانون ورجاله حيث لا مجال لتوسلات او طلب لاستثناءات ويتم القبض على كل من ترصده عيون الشرطة وصاحب الحظ العثر يترك كل شئ ويتم ترحيله خارج حدود مكة فورا اما حاجياته وممتلكاته عليه ان يبحث عمن يأتى بها اليه او يقرر العودة من طريق آخر بعد أن يسدل الليل ستائره السوداء على طريق مكة الخلفى او كما يطلق عليه المصريون طريق الجبل ذلك الطريق الذى لايسير عليه الا سائق مخالف يحمل راكبا مخالف لتوصليه لمكان مخالف ..معادلة مزعجة لكنها الحقيقة .

ثلاثة أسابيع من الألم

وهنا يبحث الجميع عن السمسارتاجر البشر ..الذى وعد فأخلف وقال فكذب وتكتمل سلسلة الصدمات أن معالى السيد السمسار هرب الى بلده مصر منذ اسبوع ينعم وسط أهله بالأمن والامان ومالذ من الطعام وطاب من الشراب تحت هواء التكييف المنعش وامام شاشة تلفاز كبير يشاهد افلاما ويتابع مباريات بعد أن أوصل شحنته من البشر " المخدوعين " الى البر الاخر من البحر وتركهم يواجهون نتيجة ثقتهم فيه وكذبه عليهم .. ثلاثة أسابيع من آلم العيش الذى لا يوصف..لا نزول للحرم مرة اخرى ..لا ارتياد للشارع وبالتالى لا خبز ..لا ماء ..لا انترنت ..لا كهرباء الا فقط حينما يأتى لهم المنقذ على هيئة العم " ف " صاحب السكن الذى يرسل مواطن أو مقيم شرعى رأفة بحال من بقى منهم ولم يتم ترحيله او من تم ترحيله وعاد عن طريقة مغامرة الصحراء الليلية . يأتى هذا المنقذ اليهم كل عدة ايام يحمل ورقيتهم الصغيرة التى تحتوى الطلبات ويشترط وهذا حقه ان يطلب منه الجميع فقط مايستطيع حمله وان يوفروا منه قدر المستطاع لأنه لا يعلم متى سيأتى مرة اخرى . وقد اتى هذا المنقذ مرتين على مدى عشرة أيام ولم يسمع عنه أحدهم خبرا حتى لحظة كتابة هذه السطور..ويبدو أنه اكتفى من الثواب أو انشغل عن حالهم بحاله .

مراوغة السماسرة ويحاول أهل الحجاج فى مصر بعدما سمعوا ما حدث لذويهم الوصول للسمسار الهارب ليدركهم فى ماهم فيه ويطارده أهل الضحايا بكل الطرق ولكن هيهات فهو يعرف جيدا كيف يهرب ويختفى ويراوغ ..هذه حرفته وتلك مهارته .. ويصل اليه من يستطيع ويسمعه من التهديدات واللفاظ ما لا يتحمل اى انسان سوى ولكنه لايتأثر ويردد نفس كلمات الشيطان ..دعوتكم فاستجبتم لى ..ماانا بمصرخكم وماانتم بمصرخى .. " ماحدش كان عارف ايه اللى هايحصل ..شوية وهارجعلهم" ويختفى تاجر الاحلام اياما ليعود على هيئة رسالة صوتية بغيضة تشبهه تنتشر على كل جروبات الحجيج باختلاف رحلاتهم وصوت سمسارهم وقد سمعت أكثرها بنفسى واليكم خلاصتها : " كنتم عارفين ان الحج مش قانونى ..ودافعين اقل من نص اى (حج شرعى ) وانا مش مغسل اموات اضمن لكم الجنة والموجود يساعد بعضه ..اليكم التعليمات بلا مناقشة ..ماحدش ينزل الشارع ..ماحدش يشغل التكييف ولا ينور النور بالليل ولا يخرج برة اوضته اطفوا التلاجة .. بلاش كمبيوتر ..بلاش صوت ليل او نهار ..اللى يتعب يتحمل واللى لازم يروح مستشفى لايسألنى ..ولا يلومنى ..مع نفسه ربنا معاه بقى ..انا واخدكم مكشوف عليكم طبيا ..ماليش دعوة باللى هايمرض ..انا واخد قرشين باخدمكم على قدهم ..لنا باجبر خاطركم مش باكسب منكم ..اللى يمرض يتعالج فى الاوضة ومن غير دوشة ..سلاموا عليكوا" مجموعة من التعليمات اللانسانية واللاعقلانية فكيف لى الا اغادر حجرة جماعية صغيرة لمدة ثلاثة اسابيع كاملة ..كيف لى ان أعيش بدون هواء جهاز التكييف العتيق فى درجة حرارة تتجاوز الخمسين نهارا والاربعين ليلا برطوبة تصل الى ٩٨% واغلقه تماما تجنبا لصوته ..كيف يتحمل أصحاب الامراض الزمنة تلك المعيشة وكيف يتحمل كبار السن الذين هم النسبة الأكبر من عدد حجاج الزيارة المخدوعين ..كيف انفصل تماما عن العالم لا هاتف مشحون ولا انترنت ولا ادير تلفاز حتى لا يخرج صوته او ضوء شاشته الى الخارج فيعلم احدهم اننى هنا ..كيف اسكت الثلاجة ليلا لصوتها العالى ..كيف أضع أغطية ثقيلة على شباك العرفة لأمنع نور الشمس أن تدخل وأمنه نور الكهرباء البسيط أن يخرج فيكشفنى واولادى . اذا فلتصمت أيها الملعون لا سامحك الله فهذ ليست تعليمات للنجاة ..انما هى تعليمات للموت البطئ .

طعم الموت

وهكذا عاش حجاج بيت الله طوال أكثر من عشرين وربما خمسة وعشرين يوما فى هذه الدوامة السوداء التى ماكانوا ليخرجوا فيها من مطاردة الأمن وتعليمات القبض والترحيل الى الحدود إلا ويدركهم الغرق مرة أخرى تحت تأثير الحرارة القاتلة ونقص أبسط آليات الحياة بلا نسمة هواء عليل او شربة ماء باردة ومرت عليهم الأيام وكأنهم سجناء فى قلعة الرعب التى طالما شاهدناها فى الأفلام ولم يتخيل أحدنا أو أحد من أحبابنا أنهم سيكونون أبطالا لهذه الكارثة الانسانية وسنكون نحن شهودا على رواية دموية فى عيد مبارك من أقسى مامر علينا من أيام. وهذا ماحدث بالفعل فقد سجلت أكثر حالات الوفاة فى منطقة تجمع حجاج الزيارة بمنطقة العزيزية إما هبوطا حادا فى الدورة الدموية نتيجة للاجهاد الحرارى او بغيبوبة سكر قاتلة لم يقدر صاحبها على مقاومة تبعات هذه المعيشة الضنك او حالات من الازمات القلبية التى لم تتحمل قلوب أصحابها العليلة كل هذا الرعب والخوف والقلق والاجهاد ليرتقوا الى الرفيق الأعلى ..ربما لحسن حظهم قبل أيام من يوم "المحرقة " كما أفضل أن أطلق عليه.. ذلك اليوم الذى آراه طبقا لمعلوماتى التاريخية أكثر أيام الحج آلما فى تاريخ المصريين وسيبقى حج عام ٢٠٢٤ شاهدا على صفقة خبيثة بدأت تحت سماء مصر وانتهت فوق أرض عرفات الملتهبة برعاية وتنظيم سماسرة البشر ..صائدوا أحلام البسطاء . اما عن يوم "عرفة " فلا أعرف كيف سيستطيع أن يجارينى قلمى وأنا أكتب عنه على صفحات الحلقة القادمة فللحديث هناك طعم آخر . طعم كريه .. طعم الموت.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة